للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو بأن لا يخلق لهم الدواعي إلى القبيح على ما تقدم. أو بمجرد (١) عفوه عن ظلمهم أنفسهم، فإنهم ما ظلموه عزَّ وجلَّ ولكن ظلموا أنفسهم (٢) كما قال سبحانه، وقد علَّق الوعيد بشرط المشيئة في غير آية، وذلك يُخرجه عن الخُلْفِ والكذب.

ولو قدرنا أن (٣) الوعيد قد ورد على صورةٍ يقبُحُ العفوُ منها (٤). فعلم الغيب السابق أن وعيد العُصاة يكون سبباً لقُبح العفو عنهم كان يقتضي عدم الوعيد على هذه الصورة المانعة من العفو، فإن من له إرادةٌ في الإحسان إلى غيره بأمر من الأمور، إن علم أنه لا يتمكن من ذلك الأمر (٥) على أبلغ الوجوه عَدَلَ إلى تحصيله بدون ذلك، وترك كُلَّ ما يعلم أنه سيكون سبباً في بطلان ما أراده، كما قيل:

إن الكريم على الإحسان يحتالُ

وكان ذلك (٦) أولى من فوات جميع مقصوده بالضرورة وفي الأمثال: إن للشرِّ خياراً (٧).

وقالوا:

حَنَانَيْكَ بعضُ الشرِّ أهونُ مِنْ بعضِ (٨)


(١) في (ش): لمجرد.
(٢) من قوله: " فإنهم " إلى هنا ساقط من (ش).
(٣) في (ش): ولو قدر بأن.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) ساقطة من (ش).
(٦) ساقطة من (ش).
(٧) يضرب عند تفاوت ما بين الشرين حتى يكون الأدنى خيراً بالقياس إلى الأعلى. انظر " فصل المقال " للبكري ص ٢٤٤، و" زهر الأكم في الأمثال والحكم " للحسن اليوسي ١/ ١٣٨.
(٨) عجز بيت لطرفة، صدره:
أبا مُنْذِرٍ أفنَيْتَ فاستَبْقِ بعضَنا
أنظر " ديوانه " ص ٤٨، و" الكتاب " لسيبويه ١/ ٣٤٨، و" المقتضب " للمبرد =

<<  <  ج: ص:  >  >>