للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو سلمنا أن الانتفاع به حسنٌ لنفسه فذلك بشرط أن لا يعاقبه الله تعالى على عدم الانتفاع به، وأن لا يعلم فاعل التعريض وهو الله سبحانه أنه يكون سبباً في العذاب الأكبر.

فمتى عَلِمَ ذلك، كان تركه أرجح بالنسبة إلى النظر لمن قصد (١) الإحسان إليه بذلك التعريض.

وقد أحتجت المعتزلة على وجوب اللُّطف بأن تركه يدلُّ على مناقضة قصد تاركه لما دعاه إليه الداعي من الإحسان إلى الملطوف به، وكذلك يناقضه علمه بالعواقب المضادة لمراده.

وقد ضَعَّفَ الشيخ مختار في كتابه " المجتبى " كلام أصحابه المعتزلة في الاعتذار بالتعريض، وقال ما لفظه: قوله: لا نُسَلِّمُ بأن غرضه استحقاق الجنة.

قلنا: إنه غرضه أو غرض غرضه لأن الغرض من التمكين إنما هو الاستحقاق.

انتهى بحروفه من المسألة التاسعة عشرة في زيادة شهوةٍ تلازمها المعصية (٢) في خاتمة أبواب العدل.

ويدلُّ على ذلك من السمع قوله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُون} [الأنفال: ٢٣] وهي حجة واضحة على أن مجرد التعريض الذي سبق في العلم أنه لا يُقبل مما لا يُتشاغل به.

وكذلك يدلُّ على حسن الإعراض عن طلب حصول ما سبق في العلم أنه لا يحصُلُ.

وأما قوله: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} [الزخرف: ٥] فليس فيه أن المقصود من إنذار من كان مُسْرِفاً هو التعريض، بل


(١) في (ش): قصده.
(٢) في (ش): العصمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>