وقد صرح الزمخشري في " كشافه " بصحة العلم الجملي في هذا الباب، واضطر إلى ذلك، وهو من أئمة الاعتزال، ولم ينقِم ذلك عليه أحدٌ مع كثرة رجوعهم إلى تفسيره، وتعظيمهم له.
وكذلك الشيخ مختار المعتزلي العلامة اختار ذلك في " المجتبى " وأورد السؤال المقدم بتحريرٍ آخر، وجوّد الجواب عنه، فقال في السؤال:
فإن قيل على الوجه الإجمالي: لو كان هذا التكليف حكمة، فإما أن تكون (١) موافقةً للعقل، أو مخالفة للعقل.
فإن كانت مخالفة للعقل لا تكون حكمة، وتكون واجبة الرد.
ولو كانت موافقة للعقل، لعقلناه عند التأمل والتفكر كسائر العلوم العقلية.
وقال في الجواب بعد منع الحصر: لا نُسلِّمُ أنها إذا كانت موافقة للعقل عقلناها، وكم من أشياء توافق العقل ولا يعقلها العقلاء إلاَّ بعد التعريف، ألا ترى أن خرق الخضر السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار كانت موافقة للعقل، ولم يعقلها موسى عليه السلام إلاَّ بعد التعريف.
وكذا خلق الخليفة في الأرض كان مُوافقاً للعقل، ولم تعقله الملائكة عليهم السلام.
وكذا الأعمال الهندسية والحسابية، ودقائق أكثر الحِرَفِ، والصناعات وأفاعيل الأغذية والأدوية.
وكذلك خلقُ مَنِ المعلوم منه أنه يكفُرُ أو يفسق يشتمل على حكمةٍ توافق العقل لو علمها العقلاء بدلالة صدوره من الحكيم.
ثم أورد الشُّبه التي في الباب والجواب عنها، ثم عقَّب ذلك بقوله: ثم