للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحسن: وأما ما سألت عنه من قولهم: إنَّ من قتل إنساناً فلا يكون ملكُ (١) الموت قابضاً لروحه، فقد ردُّوا قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَلَكُ الموتِ الذي وُكِّلَ بكم} [السجدة: ١١]، {كُلُّ نَفْسٍ ذائقةُ الموتِ} [آل عمران: ١٨٥]، وقال: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْت} [الزمر: ٤٢].

فقد أخبرنا الله أنه يتوفي الأنفس حين موتها، وأن ملك الموت يتوفَّى عن أمره، وقال: قال الله عز وجل: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧].

وقد قال في يحيى بن زكريا: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: ١٥] وإنما قُتل يحيى بن زكريا قتلاً.

وقال: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران: ١٤٣] وإنما كان الموت بالقتل.

وسألت عمَّن يقول: إن الذئب إذا وثَبَ على الشاة فأخذها إنه هو الذي رزق نفسه، وليس خالقه الذي رزقه؟ فهذا القول ردّ حكم [آيات] الكتاب البينة المنصوصة، قال الله: {وما مِنْ دابةٍ في الأرضِ إلاَّ على اللهِ رِزْقُها} [هود: ٦] وقال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الروم: ٤٠]، وقال: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم} [العنكبوت: ٦٠]، وقال: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْض} [فاطر: ٣]، وقال: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَات} [الزخرف: ٣٢] فجعل بعضهم أقوى من بعض، وبعضهم يُحسن صناعة لا يُحسنها غيره، حتى


(١) ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>