للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الكنَّاس -وهو أدناهم منزلةً في الدنيا- ليأخُذُ رزقه من أعلاهم منزلةً في الدنيا، لأن الله سبحانه جعل ذلك سبباً من أسباب أرزاقهم لا يمتنعون منه، ولو كان اكتسابُ الرزق إلى العباد، لكان الشديدُ البطش، الكاملُ العقل، البارعُ البيان والحجة أكثرَ رزقاً من الأحمق الضعيف، ولكن الله سبحانه احتج على عباده أنه المُنَزِّلُ لأرزاقهم، المالك لخلقهم وأمورهم، فقال: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين} [الأعراف: ٥٤].

وقال محمد في المسائل: وسألت عمن يقول: من قُتِلَ مات بلا أجلٍ، ولو لم يُقتل ما مات؟

وهذا قول سوءٍ سيِّءٌ رديءٌ، ولكنه وافق أجله وقت القتل، ولو لم يقتله مات في ذلك الوقت (١) وقد سُئل الحسن البصري عن ذلك، فقال: يا لُكَع (٢) فمن يأكُلُ رِزْقَه!

وسألت عمن يقول: لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يؤمن بالخير والشر، فمعناه حتى يعلم أن ما أصابه لم يكُن لِيُخطِئَه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

وسألت عمن يقول: إن الله قد خلق الأشياء، وفرغ من جميع خلقه وأحكمه؟

فإن كان يريد بقوله: إن الله خلق الأشياء، وأحكم خلقها، يريد علمها، وأتقن علمها (٣)، فهو كما قال.

وأما قوله: " خلق " فإن الله قد خلق ما أراد خلقه، وهو خالقٌ ما يريد خلقه.


(١) قوله: " في ذلك الوقت " ساقط من (ش).
(٢) قال ابن الأثير: يريد يا صغيراً في العلم، وقال الأصمعي: هو العَيِيُّ الذي لا يتجه لمنطق ولا غيره.
(٣) " واتقن علمها " ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>