للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صح، فلا يفيد شيئاً قطعاً، فالتشاغُل به هو من العبث الذى لا يجوز على الله تعالى، خصوصاً متى كان القصد بذلك هو الإحسان في العاقبة الدائمة إلى من علم أنه يخلُدُ في العذاب الدائم بسبب تعريضه (١) لذلك الإحسان، والقاطع بالعلم (٢) بقبح هذا عقلاً أنه يعلم بالضرورة من كل عاقلٍ أنه لا يختار بنفسه، ولا لمن يُحبُّه، ولا لمن (٣) يحب الإحسان إليه والرفق به.

وثانيهما: أن مذهبهم أن عذاب الآخرة من الله تعالى بمنزلة المباح منَّا، الذي ليس فعلُه أرجح من تركه، وهذا هو العبث الذي لا يجوز على الله تعالى، بل قال الفقيه حميد (٤)، من متأخري متكلمي الزيدية: إنه من الله بمنزلة المكروه، لأن العفو أفضل، وهذا كله خطأ وقبيحٌ ممَّن قاله كما سيأتي وجهه (٥) عند إبطال قول من ذهب إليه من غُلاة الأشعرية في الوهم الثلاثين، وقد مرَّ قريباً شيءٌ من بيان مناقضاتهم في ذلك.

الوجه الثاني: الموعظة الخطابية، وذلك أن منشأ هذه الإشكالات (٦) هو مجموعٌ جهالاتٍ وضلالاتٍ.

منها: عُجْبُ أهل الكلام بعلومهم، وعقولهم، وآرائهم (٧)، ولو أنصفوا، أو نظروا في نسبة ما علموا إلى ما جَهِلُوا لانحسمَتْ هذه المادة بالكلية، ولو أن


(١) في (ش): تعرضه.
(٢) في (ش): في العلم.
(٣) في (أ): من.
(٤) هو حميد بن أحمد بن محمد المحلي الهمداني الصنعاني الفقيه العلامة الشهيد، أنفق عمره في العلم والعمل، والرد، على المخالفين لأهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وله المصنفات الفائقة، والمعلقات الرائقة، والرسائل التي هي بالحق ناطقة، منها " الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية ". توفي سنة ٦٥٢ هـ. انظر " طبقات علماء الزيدية " ورقة ٤٥ - ٤٦ لإبراهيم بن القاسم بن المؤيد بالله. و" فهرس المكتبة الغربية بجامع صنعاء " ص ٦٦١.
(٥) تحرفت في (ش) إلى: وجهد.
(٦) في (ش): المشكلات.
(٧) في (ش): ورأيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>