للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مختصر من قصته وحديثه، وهو أطول من هذا، خرجه الحاكم في " المستدرك " (١) وصححه.

وهو يشهد لجواز ما ذكرته، إذ لم يذكر في الأمر بتعذيبه أنه على ذنبٍ غير التقصير في الشكر إلاَّ أن يكون ذنبه هو قوله: " بعملي يا رب "، وإلا فقد صحَّ أن كل أحد يَرِدُ القيامة وله ذنبٌ إن شاء الله عذَّبه عليه كما تقدم من غير وجه، وما شَهِدَ له من القرآن، والله سبحانه أعلم.

وبالجملة فالمسلمون مجمعون (٢) على حسن ذلك من الرب بغير ذنب لحكمةٍ وإن خفيَتْ في كل ألمٍ منقطع في دار الإمتحان، بل العقلاء من المسلمين وغيرهم مُجمعون على حُسن تحمُّل كثير من الشرور لدفع أعظم منها، بل لجلب منافع في فواتها شرورٌ أعظم مما تحمَّلُوه، وما أعلم أن أحداً من العقلاء قبَّح النكاح عقلاً لما يؤول إليه من ألم الولادة وسوابقها وتوابعها لا في حق النساء لِعِظَم مضرَّتهن بذلك، ولا في حق الرجال لكونهم الوسيلة إليه، فيمكن في آلام أهل النار وعذابهم مثل ذلك.

ولكن الله عزَّ وجلَّ علم أن وقوع تلك الآلام على جهة العقوبة المستحقة بالمعاصي الاختيارية أكثر صلاحاً، فقدَّر مقادير تقع (٣) معها تلك الاختيارات على وجهٍ يستحقُّ معه العقاب، وتقومُ معه الحجة، وينقطع معه عذر العبد


(١) ٤/ ٢٥٠ وفي سنده سليمان بن هَرِم، قال الأزدي: لا يصح حديثه وقال العقيلي: مجهول، وحديثه غير محفوظ. وقال الإمام الذهبي في " تلخيص المستدرك " متعقباً قول الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد: لا والله، وسليمان غير معتمد، وقال في " ميزان الاعتدال " ٢/ ٢٢٨ بعد أن أورده بطوله في ترجمة سليمان بن هرم: لم يصح هذا والله تعالى يقول: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ولكن لا ينجي أحداً عملُه من عذاب الله كما صح، بلى أعمالنا الصالحة هي من فضل الله ومن نعمه لا بحول منا ولا بقوة، فله الحمد على الحمد له.
(٢) في (ش): مجتمعون.
(٣) في (ش): ترتفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>