للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداهما: ما يناسب عقول البشر وعاداتهم من أعذار الحقِّ التي يعتقدون براءة المُعتذر بها من الملامة، وصحتها واضحة على أصول الجميع.

أما أهل السنة، فلورود السمع بذلك.

وأما المعتزلة فلوجوب إزاحة الأعذار عقلاً (١) عندُهم مع ورود السمع بذلك، ولا شكَّ أن ما لا يتمُّ الأمر (٢) والمقصود إلاَّ به يكون له حكمُه في اللزوم، وهذه الحجة المجمع عليها لا تتمُّ إلاَّ بتقدير اختيار العباد لأعمالهم، وتقدير أسباب الاختيارات فلذلك كان القول بسبق القدر مقتضى العقل والسمع عند التحقيق، وهذه الحجةُ وقاعدتها هي ما قدره الله تعالى من اختيار العباد لأعمالهم التي مكنهم منها بإقداره لهم عليها غير مجبورين مع كثرة الأعذار، وتطاوُل الإمهال، والزيادة في البيان. وفي الحديث: " لقد أعذَرَ الله إلى من بلغ به في العمر ستين سنة " ذكره ابن الأثير في " نهايته " (٣)، وقد أخرجه البخاري في " الصحيح " من حديث أبي هريرة مرفوعاً " أعذَرَ الله إلى رجلٍ أخَّرَ أجله حتى بلغ ستين سنة " (٤).

وقال ابن الأثير: لم يُبْقِ له موضعاً للإعذار (٥). وهذه (٦) أعذارُ حَق وإن جاز أن يكون للهِ حكمةٌ باطنة أحقُّ منها.


(١) من قوله: " أما أهل السنة " إلى هنا ساقط من (ش).
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) ٣/ ١٩٦.
(٤) أخرجه أحمد ٢/ ٢٧٥ و٣٢٠ و٤٠٥، والبخاري (٦٤١٩)، وابن حبان (٢٩٧٩)، والرامهرمزي في " الأمثال " ص ٦٤، والقضاعي في " مسند الشهاب " (٤٢٤)، والحاكم ٢/ ٤٢٧ - ٤٢٨، والبيهقي ٣/ ٣٧٠، والخطيب في " تاريخه " ١/ ٢٩٠، والبغوي (٤٠٣٢).
(٥) في النهاية: " للاعتذار " وقال الحافظ في " الفتح " ١١/ ٢٤٤: الإعذار إزالة العذر، والمعنى أنه لم يبق له اعتذار، كأن يقول: لو مد لي في الأجل، لفعلت ما أمرت به، يقال: أعذر إليه: إذا بلغه أقصى الغاية في العذر، ومكنه منه.
(٦) في (ش): وهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>