للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمفعولُ الإرادة الأوَّل في الآية هو " ماذا " على أنها اسمٌ واحدٌ، ومفعولها الثاني المشار إليه بلفظ " هذا " في الآية، وتفسير " ماذا " هو العلة والحكمة في إنزاله، وذلك هو ما بينه الله تعالى جواباً عليهم بقوله: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِين} [البقرة: ٢٦]، ومفعولها الأول في الحديث هو الخيرُ المسبَّب عن التفقيه، ومفعولُها الثاني هو الفقهُ في الدين.

وتلخيصُ ذلك أن الإرادة تُعَدَّى إلى مفعولٍ واحد بنفسها من غير حرف، وهو المتجددُ المتخصص الذي يجبُ أن يكون (١) فعلاً للمريد، وقد يُعَدَّى إلى مفعولٍ ثانٍ، فلا يجب أن يكون فعلاً للمريد، وإن جاز أن يكون فعلاً له في بعض الصور. وهذا القسم ينقسم:

فحين يكون المفعول الأول مطلوباً بالأمر من الثاني تعدى الإرادة إلى الثاني بمن كما يتعدى الطلب بها كما مرَّ مثاله.

وحين يكون المفعول الثاني هو العلة في إرادة المفعول الأول يكون الثاني كالمفعول لأجله، وتعدَّى الإرادة إليه (٢) تارة بالباء الموحدة، كقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين ". ومرةً باللام كقولك: أردت الخير لزيدٍ، ولذلك قال أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام: لا يقال شاء للعباد، فيكون شبه اختيار، ولكن يُقال (٣) شاء أن يَعْصوه. وقد تقدَّم سنده عنه عليه السلام.

فعلى هذا لا تُعَلَّق إرادة الله بفعل العبد حَسَناً كان أو قبيحاً حيث يقول: أراد به أو له (٤) ثواباً أو عقاباً، لأن مفعولها الأول هو الثواب أو العقاب على جهة الجزاء، وهو فعل الله تعالى ومفعولها الثاني هو العبد المستحق لذلك، والعلة في ذلك هي الحكمة، إما الاستحقاق وحده أو مع غيره.


(١) هنا في (ش) زيادة: " فيه ".
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) ساقطة من (أ).
(٤) ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>