للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن معاصي العصاة من الله، ويعترفُ ببطلان الجبر مع ذلك، وهذه مناقضات واضحة، وخطأ في العبارة ممن ينفي الجبر.

وإنما يقال: إن المعاصي من العبد صادرة باختياره مع تقديرٍ من الله سابقٍ، وتمكينٍ للعبد لاحقٍ كما سيأتي بيانه في آخر مسألة الأفعال، ونقلُ نصوص الكتاب والسنة والصحابة والسلف على ذلك.

القسم الثاني: ما لم يكن يعني (١) الطلب من الغير، ولا يحسُنُ تقدير الطلب في هذا القسم مع الإرادة، ولا يعبر بأحدهما عن الآخر حقيقة ولا مجازاً، وذلك حيث يكون أحد مفعولي الإرادة كالعلة في مفعولها الآخر تتعدى (٢) بالباء وباللام على حسب المواقع اللائقة بذلك في اللغة.

كقوله تعالى: {ماذا أرادَ الله بهذا مثلاً} [البقرة: ٢٦] وقوله تعالى: {وإذا أرادَ الله بقومٍ سُوءاً فلا مَرَدَّ لَهُ} [الرعد: ١١]، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ يُرِدِ الله به خيراً يُفَقِّهْهُ في الدِّين " (٣). حديث صحيح شهير من غير طريق.

وروى الطبراني من حديث أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: " إنَّ هذه الأخلاق من الله، فمن أراد الله به خيراً مَنَحَه خُلُقاً حَسَناً، ومن أراد الله به سوءاً منحَه خُلُقاً سيئاً ". أخرجه الهيثمي في باب حسن الخلق من " مجمع الزوائد " (٤) وفي سنده مسلمة بن علي.


(١) في (ش): بمعنى.
(٢) في (ش): فيعدى.
(٣) تقدم تخريجه في ١/ ٣١٣ - ٣١٤.
(٤) ٨/ ٢٠ وقال: رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه مسلمة بن علي، وهو ضعيف. قلت: قال أبو حاتم: لا يشتغل به، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة.
وفي الباب عن عائشة أورده السيوطي في " الجامع الكبير " ١/ ٢٨٢، ونسبه إلى العسكري في " الأمثال ".

<<  <  ج: ص:  >  >>