للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى فرعون وقومه من جهة نيتهم فيه واختيارهم له بذلك (١) السبب نسبة القبائح، كما قال تعالى: {فأتْبَعُوهُم مُشْرِقينَ} [الشعراء: ٦٠].

ومنْ ذلك حديث الذي أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه من أهلِ النار، وكان قد أبلى في الجهاد بلاءً حسناً فيما يرون، فارتاب بعض المسلمين، فقتل الرجلُ نفسه جزعاً من جراحٍ اشتدَّ به، فاشتدَّ بعض الصحابة، فبُشِّرَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكبَّر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: " أشهد أني رسول الله " (٢) أو كما ورد.

وللحديث طرقٌ كثيرة وألفاظه مختلفة، وسيأتي في أحاديث القدر، فقد سُرَّ المسلمون ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله نفسه لما تضمنه من صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع كراهتهم لذلك لكونه معصيةً.

فإن قلت: وما تلك الوجوه التي يجوز في العقل أن (٣) يريدها الله تعالى بوقوع المعاصي؟

قلت: هذه العبارة في السؤال قبيحةٌ وغيرُ صحيحة كما مر تقريره، وسيأتي


(١) في (ش): فتنهم واختيارهم بذلك.
(٢) أخرجه البخاري (٤٢٠٣)، ومسلم (١١١) والبيهقي ٨/ ٩٧، والبغوي (٢٥٢٦) من حديث أبي هريرة قال: شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُنَيْناً فقال لرجل ممن يدعي بالإسلام: " هذا من أهل النار " فلما حضرنا القتال قاتل الرجل قتالاً شديداً فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الرجل الذي قلت له آنفاً: " إنه من أهل النار " فإنه قاتل اليوم قتالاً شديداً وقد مات، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إلى النار "، فكاد بعض المسلمين أن يرتاب، فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنه لم يمت، ولكن به جراحاً شديداً، فلما كان من الليل لم يصبرْ على الجراح فقتل نفسه، فأُخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فقال: " الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسولُه " ثم أمر بلالاً فنادى في الناس، " إنه لا يدخل الجنة إلاَّ نفسٌ مسلمة، وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ".
وأخرجه البخاري (٤٢٠٢)، ومسلم (١١٢) من حديث سهل بن سعد الساعدي.
(٣) قوله: " ويجوز في العقل أن " ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>