الخَلْقِ والحدوث، وصنَّف البخاري في ذلك كتاب " أفعال العباد ".
وذكر البيهقي أن المخالف لهم في ذلك محمول على أنه لم يفهم مرادهم، لأن صحة مقصدهم بعد فهمه ضرورية والله أعلم.
ومنه قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأئمة العدل بالظاهر وإن خالفَ حكم الله الباطن لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " فمن قضيتُ له بمال أخيه، فإنما أقطع له قطعة من نار " متفق على صحته.
وهو يدلُّ على التفرقة بين القضاء الذي يجب الرضا به، والمقضى به الذي لا يحل بالقضاء.
وأما كراهة انبعاث المنافقين، فيحتمل أنه لأجل المفسدة ويحتمل أنه لأجل العقوبة، وقد يريد الله تعالى وقوع الذنب ليغفره كما صرَّحت به النصوص النبوية الصحيحة الشهيرة، وستأتي مبسوطة، وقد يريد الله لما يستأثر بعلمه من وجوه الحكمة.
فإذا تقرَّر هذا جاز أن الله تعالى أراد وقوع أسباب المعاصي لا أنه (١) تعالى أراد وقوع المعاصي لوجوهٍ حسنة، وليس في هذه أنه لا يكره وقوعَ المعاصي لوجوه قبيحة، بل هي مكروهة من كل وجه.
وأما وقوعها، فمكروه وجوباً من وجهٍ لا بُدَّ من كراهته من أجله، ويجوز من غير وجوب إرادته لوجه حسن، أو وجوه حسنة، فحيث طَبَّقَ أهل السنة إرادته من أجل ذلك ظن خصومُهم أن الوقوع غير مكروه من غير وجه، وأنه محبوبٌ من كل وجه، بل ظنوا أنه يلزمهم محبةً الواقع نفسه، والله لا يحبُّ الفساد، ولا يريد لماً للعباد كما قال سبحانه وتعالى.
واعلم أن هذا التحقيق لا يقف على أن الوجود هو الموجود، لأن المحبة