الشرور مرادٌ لله، لأن المراد به غيره، ولأنه يوهم أنها إرادة طلب ورضا، وأنه مرادٌ لذاته.
ومن أهل السنة من تجاسر على تسميته مُراداً، وإن كان قبيحاً، وإن كان مُراداً لغيره، والأولى تركُ ذلك لإيهامه، ولعدم النصِّ فيه.
ومن أمثلته المجمع عليها عند الخصوم، جواز كراهة المعاقب لعقاب نفسه المستحق، لكونه مَضَرَّة لنفسه، لا لكونه حسناً مع إرادة الله له وحسنها وحسنه.
ومن أمثلته عند أبي الحسين من المعتزلة: أن المكروه يجوز أن يسمى بذلك، لأن الله يكرهه من جهة نقصه لا من جهة حُسنه. ذكره في " المعتمد ".
ويعبر أهل علم المعقولات عن ذلك بإرادة الشر لأجل الخير كالحجامة، فالخيرُ هو المقصود الأول، وهو الذي يُراد لذاته، والشر هو المقصود الثاني، وهو الذي يُرادُ لغيره، كالحجامة ترادُ وسيلة للعافية، ولا يريد الحكيم الشر بمجرد كونه شراً قطعاً.
ومن أمثلة ذلك ما جرى من الخَضِرِ عليه السلام مما ينكره العقل والشرع في بادىء الرأي قبلَ كشفِ أسرار الأقدار.
وكذلك جميع المقدورات المقبَّحة في العقل والشرع، بل من ذلك إرادة موت الأنبياء عليهم السلام والصالحين، فإنها تحسنُ من الله تعالى عند المعتزلة، لأنها متعلقة بداعي حكمة، مع أنها تقبُحُ من الشياطين وأعداءِ الإسلام حيث يُريدون ذلك لأغراض قبيحة.
وكذلك تمكين الكُفار من حرب الأنبياء وقتلهم يحسُنُ عند المعتزلة من الله تعالي، ولا يحسن من غيره لاختلاف الوجوه، وإلى ذلك أشار القرآن الكريم حيث قال في الخمر والميسر:{قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}[البقرة: ٢١٩].