للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما شاء} [البقرة: ٢٥٥] كما قال في أفضل آية في أشرف كتبه الكريمة.

وفائدة هذا التجويز العقلي هو الإيمان بما وردت به النصوص من ذلك إن وردت بشيءٍ منه، لأنا ندعي أنها قد وردت بذلك، إنما ورد ما يدلُّ عليه بلفظ آخر، فنؤمن بذلك اللفظ، ولا نبدله بلفظ منا، لأن لفظ الشرع إن كان جليّاً فيما فهمنا، فهو أبركُ وأقطع للنزاع، وإن كان خفياً، لم نأمَنِ الخطأ في تبديله، ولم يُعنَّف من خالفنا في تأويله.

والفرق بين هذا وبين قول المعتزلة أنهم يقطعون بنفي قدرة الله على اللطف بالعصاة، ونحن نقطع على قدرته على ذلك.

وإنما وقفنا في متعلق إرادته هل هو أفعاله سبحانه التي علم أن (١) أفعال العباد تقع عندها، كما هو قول الأشعرية المحققة، أو هو الواقع، والوقوع من الطاعات دون الواقع من غيرها؟

فهذا موضعٌ مُشكِلٌ دقيق، وحظُّنا فيه ومنتهانا الإيمان بالنصوص على ما أراد الله، وعدم تبديلها بعبارةٍ أُخرى، والراجح عقلاً أن إرادته تعالى لا تُعَلَّق (٢) إلا بأفعاله، والله سبحانه أعلم، فينظر في السمع وما فهَّمناه سبحانه من ذلك في كتابه، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - محبة (٣) ظهور حلمه وعفوه ونعمه في الدنيا على جميع خلقه من أهل السعادة والشقاوة، وفي الآخرة خالصاً لأهل السعادة، وزيادة الحجة على الأشقياء في الدارين، وذلك بمجموع أدلة:

منها: ما روى مسلم في " الصحيح " عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لو لم تُذْنِبُوا لذهب الله بكم ولجاء بقومٍ يُذنبون فيستغفرون الله، فيغفر لهم ".

وفي رواية: " يُذنبُون كي يغفر لهم " وهو حديث صحيح مشهور.


(١) من قوله: " ومن أحسنها " ص ١٥٩ إلى هنا ساقط من (ش).
(٢) في (ش): تتعلق.
(٣) في (ش): إرادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>