للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه الحاكم في التوبة شاهداً لحديث أبي هريرة المتقدم من طريق أبي بلجٍ يحيى بن سليم، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عمر.

ومنها: عن أبي سعيد رواه البزار (١)، وفيه يحيى بن كثير (٢) صاحب البصري ضعيف.

وفي هذه الأحاديث الشريفة تنبيهٌ على حكمة واحدة من حِكَمِ الله تعالى في تقدير المعاصي، وهو ظهورُ كثير من آثار أسمائه الحسنى من فضله وعفوه ولطفه وحلمه، ونحو ذلك بسبب تخليته سبحانه بين العبد والذنب.

فأيُّ قُبح في محبة الرب جل جلاله لظهور آثار أشرف محامده، وهي الإحسان بعد الإساءة، والحلم بعد العلم بالعظائم، بل بعد طلب أهلها لتعجيل العذاب تكذيباً لمن توعدهم به، كما حكى الله سبحانه عنهم في قوله تعالى: {ويَستعْجِلونَك بالعذاب} [الحج: ٤٧]، [العنكبوت: ٥٣].

ولهذا قيل في محامد الرب سبحانه: الحمد لله على حلمه بعد علمه، وعلى إحسانه بعد إساءتنا.

ولذلك عدَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك أفضل البر، بل جعل الإحسان قبل الإساءة كلا إحسان بالنظر إليه بعدها.

ففي " صحيح البخاري " من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص " ليس الواصِلُ بالمكافيء، الواصل من إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَها ".

وخرجه أبو داود والترمذي، ولفظ أبي داود " انقطعت رحمُه " (٣).


(١) رقم (٣٢٥١).
(٢) في (أ): " سعد "، وفي (ش): " سعيد "، وكلاهما خطأ، والمثبت من " كشف الأستار " و" مجمع الزوائد ".
(٣) البخاري (٥٩٩١)، وأبو داود (١٦٩٧)، والترمذي (١٩٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>