للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنقطعة بمعنى " لكن "، ولا بُدَّ لها من خبرٍ ظاهر أو مقدر، فالظاهر كقوله عز وجل: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا} [يونس: ٩٨]، والمقدر كقولك: ما في الدار أحد إلاَّ حماراً، أي لكنَّ حماراً في الدار. ذكره نجم الدين (١).

وقول سيبويه (٢): إلاَّ المنقطعة بمثابة " لكن " العاطفة، والمذكور بعدها مفرد، لا ينافي ما قلناه من لزوم تقدير الثبوت، لأنه الذي به حسن إيرادُها، لأنها تقتضي المخالفة اقتضاء " لكن " العاطفة.

وأما الوجه الثاني: وهو أن يكون مقيداً بالاستقامة، فإما أن يكون عامَّاً لكل أحد أو خاصاً بالمؤمنين، أو خاصاً بالكافرين، فأما الاحتمال الأول، فهو الأظهر، لأنه خطابٌ للمكلفين عموماً، وهو الذي تمسك به أهل السنة، فالمعنى: وما تشاؤون الاستقامة إلاَّ أن يشاء الله (٣) التي تنجيكم من العذاب يقتضي الاختيار من المستقيم.

فدعوى المعتزلي أن التقدير: وما تشاؤون الاستقامة إلاَّ أن يشاء الله أن تستقيموا كرهاً، باطلٌ عند الجميع، لأن المؤمنين قد شاؤوا الاستقامة غير مُكْرَهين.

ومن أجل ذلك جاء الزمخشري بحيلةٍ لطيفةٍ في تنزيل هذه الآية على


(١) هو نجم الدين سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم الطوفي الحنبلي، المتوفى سنة (٧١٠) كان فقيهاً شاعراً أديباً فاضلاً قيماً بالنحو واللغة والتاريخ، مشاركاً في الأصول وغيره.
له من التصانيف " شرح مختصر الروضة " وعنه نقل المصنف هذا النص، وهو من منشورات " مؤسسة الرسالة " بتحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي. انظر ترجمته في " ذيل طبقات الحنابلة " لابن رجب ٢/ ٣٦٦ - ٣٧٠ و" بغية الوعاة " ١/ ٥٩٩ - ٥٦٠.
(٢) انظر " حاشية الصبان على الأشموني " ٢/ ١٤٦.
(٣) قوله: " إلاَّ أن يشاء الله " ليس في (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>