قال الله تعالى:{وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ}[الشورى: ٥٢]، و {إنَّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقومُ}[الإسراء: ٩]، و {هُدىً للمتقين}[البقرة: ٢]، ومنه قوله تعالى:{وأما ثمودُ فهديناهم}[فصلت: ١٧] أي: بينا لهم الطريق، ومنه قوله تعالى:{إنا هديناه السبيل}[الإنسان: ٣]، {وهديناه النَّجْدَيْنِ}[البلد: ١٠].
والثاني بمعنى اللطف والتوفيق والعصمة والتأييد، وهو الذي تفرد الله تعالى به، ومنه قوله تعالى:{إنك لا تهدي من أحببتَ ولكن الله يهدي من يشاء}[القصص: ٥٦].
الثالث: الهدى المجازي، ولا بد فيه من ظهور القرينة كقوله عز وجل:{فاهدوهم إلى صراط الجحيم}[الصافات: ٢٣]، وقوله:{فأنه يُضِلُّهُ ويَهْديه إلى عذابِ السعير}[الحج: ٤] ولا بُدَّ فيه من ذكر المفعول الثاني، لأنه قرينته الدالة على المراد منه.
إذا ثبت ذلك، فآيات الهدى المعلق على ثبوت المشيئة هنا لا يصلح جعلها من القسم الثالث لفقد القرينة، ولا من القسم الأول، وهو نصب الدلالة مطلقاً لثبوته للجميع في غير آيةٍ كما قدمناه، وهذه الآيات التي فيها المشيئة تقتضي أنه لم يكن، وكذلك الآيات المطلقة في قوله:{يهدي به الله من اتبع رضوانه سُبُلَ السلام}[المائدة: ١٦]، وقوله:{سَيَهْديهم ويُصْلحُ بالَهُم}[محمد: ٥] يدلُّ على أنه هدىً خاص يستحق به العبد الثواب والثناء لا الهدى الذي لا اختيار معه.