للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {ولَوْ شاءَ ربُّك لجَعَلَ الناس أُمَّةً واحدةً} [هود: ١١٨].

وقوله: {فلو شاء لهداكم أجمعين} [النحل: ٩].

وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [النحل: ٩٣].

فهذه الآيات لا يصح تأويلها بمشيئة الإكراه في الكافرين ومشيئة الاختيار في المؤمنين، لأنهم حينئذٍ يكونون (١) أمتين مختلفتين لا أمةً واحدة كما تقدم في تقريره في قوله تعالى: {لمن شاء منكم أن يستقيم} [التكوير: ٢٨].

وهو قد تمدح سبحانه وتعالى بأنه لو شاء، لجعلهم أمة واحدة، ولا بد لتأكيد الأمة بواحدةٍ من فائدة، وما هي إلاَّ عدم افتراقها وتشعبها، ولا يمكن تأويل ذلك بجمعهم على الكفر فقط، لقوله: {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى} [الأنعام: ٣٥] ونحوها.

وأصرح من هذه الآيات، وأبعد من التأويل قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ} [آل عمران: ١٧٦]، فهذه مصادمة لمذهب المعتزلة مُصادمة النصوص.

وكذلك قوله: {ولا تقولَنَّ لِشَيءٍ إنِّي فاعلٌ ذلك غداً إلاَّ أن يشاء الله} [الكهف: ٢٤] لا (٢) يصح حمله على مشيئة الإكراه، لأنها تناقض معنى الفاعلية، كما لا يصح الاحتجاج على الخبر، ونفي الاختيار بها لمثل ذلك، ومنه قوله: {إنَّ رَبِّي لطيفٌ لِما يشاءُ} [يوسف: ١٠٠]، فلا يصح تأويله بمشيئة الإكراه، لأنها تناقض معنى (٣) اللطفِ.


(١) في (أ): " يكونوا "، وهو خطأ.
(٢) في (ش): ليس.
(٣) من قوله " الفاعلية " إلى هنا ساقط من (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>