للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قوله: {يُؤْتِي الحِكْمَةَ من يَشاءُ} [البقرة: ٢٦٩] لأن المقهور غير حكيم.

و {مَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ} [المائدة: ٤١] لأن المقهور غير مفتون إلاَّ إذا كانت بمعنى العذاب.

وكذا قوله: {إنك لا تهدي من أحببتَ ولكن الله يهدي من يشاء} [القصص: ٥٦] لأنه لا يصح أن يكون المعنى: لا تُكْرِهُ على الهدى من أحببت، ويلزم أن تكون الثانية مثلها، وإلا لم يحسن الاستدراك، وكان بمنزلة أن تقول: ولكن الله يرزق من يشاء.

ومن أوضح الأدلة على ذلك قوله تعالى: {وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٨٧) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [الأنعام: ٨٧ - ٨٨]، وبيانه: أن ذلك في قوله تعالى: {ذلك هدى} إشارة إلى ما تقدم من هداية أنبيائه وأوليائه والضمير في قوله: {يهدي}، راجعٌ إلى ذلك الهدى الذي هدى به أنبياءه وأولياءه (١)، هو الهدى الذي يهدي به من يشاء من عباده، والمعلوم أن هدى من تقدم ذكره ما كان إلاَّ اختياراً لا قسراً.

وإذا ثبت أن هدى من تقدم ما كان إلاَّ اختياراً وجب أن يكون هدى من شاء من عباده مثله، لأنه هو.

وأما الدليل على أن الضمير في " يشاء " راجع إلى الله تعالى لا إلى " من " فوجوه (٢):

أحدها: أنه جاء كذلك في آيات كثيرة مصرحاً به، ولم يأتِ على العكس، والقرآن يُفَسِّرُ بعضه بعضاً، ولو سلمنا إجمال هذا كان في ذلك التصريح كفاية.


(١) من قوله: " والضمير في قوله يهدي " إلى هنا ساقط من (أ).
(٢) في (ش): بوجوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>