للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: أن الهدى في أول الآية مضافٌ إلى الله تعالى كذلك آخرها.

وثالثها: أن هذا مجرد دعوى من غير دليلٍ، وتجويز هذا حرامٌ وِفاقاً خصوصاً في تفسير كتاب الله.

ورابعها: أنه يفسد مرادُهم على تسليم صحة تأويلهم، فإنه حينئذ يدُلُّ على قدرة الله على هداية الجميع، إذ لو كان لا يَقْدِرُ إلاَّ على هداية البعض لم يحسن منه التمدح بهداية من يشاء الهداية من جميع العباد، وتكرير التمدح بذلك من غير إشعار بتخصيص، وما يدعونه من المخصصات العقلية ممنوعٌ، بل معكوسٌ كما أوضحناه في هذا الكتاب.

وذكر الرازي أنه لا يحبُّ الجهل أحد، فإن الله قادر على تعريف جُهَّال الكفرة بما جَهِلُوه من علوم الإسلام، ونفيه لمحبة الجهل صحيحٌ على جميع القواعد كما سيأتي بيانه في مسألة الدواعي.

وخامسها: -وهو المعتمد- ما تقدم من أن نفوذ مشيئة الله معلوم من ضرورة الدين لمن لم يعتقد أنه من جملة المحالات، وقد تقدم بيانه.

وسادسها: أنه يلزم الاحتمال في قولنا: زيدٌ يكرم من يشاء، أو رجحان رجوع الضمير إلى " من " أو إلى " زيد "، وكلاهما عنادٌ واضح.

فإن سلموا رجحان رجوع الضمير إلى زيدٍ في هذه الصورة لزمهم رجوع الضمير إلى مثله وإلى مثله في أمثالها، وإن (١) خصُّوا بقلب المعنى كلام الله لأجل الدلالة العقلية، فقد سلَّموا أن ما قلناه هو ظاهرُ كتاب الله، وقد تقدم أن تأويل هذا المعنى بدعةٌ حادثة، وأن العقل موافقٌ للسمع في ذلك.

ومن ذلك تمدُّحه تعالى بأنه فعَّالٌ لما يريد، وأنه يفعل ما يريد، لأنه لا يجوز


(١) في (أ) و (ش): " وإنما "، والمثبث من هامش (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>