للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيك يا أُغلوطة الفِكَرِ ... تاه عَقْلي وانْقَضَى عُمُري

سافَرَتْ فيك العُقُولُ فما ... رَبِحْتَ إلاَّ عَنَا السَّفَرِ (١)

وقد أشار الله سبحانه إلى الجمع بين صحة الأوامر والحكمة فيها مع العلم بنفوذ القدر فيما حكاه من قول يعقوب عليه السلام لبنيه: {لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحدٍ} [يوسف: ٦٧] إلى آخر الآية، وسيأتي شرح ذلك في الفائدة الرابعة في وجوب العمل مع القدر، والفائدة فيه في الحكمة.

وأما التفصيل، فلا سبيل إليه، ولا مُوجب لمعرفته، ولكن في كتاب الله إشارة إلى بعض حكم الله تعالى في ذلك، وهو فيما ذكر الله من محبته الابتلاء، وتمحيص المؤمنين، وتمييز الخبيث من الطيب حيث ورد على أعظم صيغ المبالغة، والإقناط من الطمع في خلافه، حيث قال سبحانه: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: ٢].

وخرج الحاكم في كتاب الإيمان من " المستدرك " (٢) حديث كُرْز بن علقمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِل: هل للإسلام من منتهى؟ فقال: " نعم، أيُّما أهل بيت من العرب والعجم أراد الله بهم خيراً أدخل عليهم الإسلام، ثم تقع بهم الفتن كأنها الظُّلَلُ ". وقال: حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم، وهو كما


(١) ذكرهما في " شرح النهج " ١٣/ ٥١ في أبيات خمسة صدَّرها بقوله: ولي في هذا المعنى، ثم أنشدها، وهي:
فيك يا أُغلُوطة الفِكَرِ ... تاه عقلي وانقضى عمري
سافرتْ فيك العقول فما ... ربحت إلاَّ أذى السفرِ
رَجَعَتْ حَسرَى وما وَقَفَتْ ... لا على عينٍ ولا أثرِ
فلحى الله الألى زعموا ... أنك المعلوم بالنظرِ
كَذَبُوا إن الذي طلبوا ... خارج عن قُوَّة البشرِ
(٢) ١/ ٣٤ وقد تقدم تخريجه في ٥/ ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>