للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلى هذا المعنى أشار الله عزَّ وجلَّ حيث قال: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} [يوسف: ١١٠]، وقال عز وجل: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: ٢١٤].

ومما يُلوِّحون به إلى هذا المعنى:

وبَدا له من بَعْدِ ما اندمل الهوى ... برقٌ تألَّق مَوْهِناً لَمَعَانُهُ

يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذَّرَى مُتمنِّعٌ أركانهُ

فمضى لينظر كيف لاح فلم يُطِقْ ... نظراً إليه وصده سجَّانهُ

فالنارُ ما اشتملت عليه ضُلُوعُه ... والماءُ ما سَمَحَتْ به أجفانُهُ (١)

وأنشد في " العوارف " (٢) كانياً عن النفس والشيطان:

أيا جَبلي نَعْمَان بالله خلِّيا ... رياح الصَّبا يَسْرِي إلي نسيمها

أجد بردها أو تشفِ مني حرارةً ... على كَبِدٍ لم يبق إلاَّ صميمها

فإن الصبا ريحٌ إذا ما تنسَّمَتْ ... على نفس محزونٍ تجلَّت همومُها

ورقائق ابن الفارض في هذا المعنى في السماء علوّاً، ولو أوردتها لطالت، ولا حاجة إلى التكثير بذكرها، لأنها معروفةٌ في ديوانه.

فإن قيل: هذا صحيح، ولكن الابتلاء في نفسه من المتشابه، فهل أشارَ


(١) أورد هذه الأبيات الأربعة صاحب الأغاني ١٦/ ٢٨٣ للشريف أبي عبد الله محمد بن صالح الحسني، ولها حكاية مستطرفة ذكرها الحميدي في " جذوة المقتبس " ص ٧١ - ٧٣، فانظرها فيه.
(٢) ص ١١٢ وهي منسوبة مع بيتين آخرين لمجنون ليلى قيس بن الملوح العامري عند ابن الشجري في " حماسته " ٢/ ٥٧٩، وكذا في " الأغاني " ٢/ ٢٤ وأنشدها القالي في أواخر أماليه ٢/ ١٧٧ لامرأة من أهل نجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>