للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا في هذا المعنى:

ولولا البُعْدُ ما حُمِدَ التَّلاقي ... ولولا الهَجْرُ ما طَابَ الوِصَالُ

وقد رأينا جميع العُقلاء في الدنيا يسعون في تكميل الملاذِّ في الدنيا وتمامها بشرورٍ عظيمة على غيرهم بغير ذنبٍ من ذبح الحيوانات في الأفراح وركوبها، واستعمالها (١) في حرثِ الأرض، وحرب العدو، ونزع الماء من الآبار، وحمل الأثقال، ومنعها من شهواتها المُخِلَّة بمنافعهم مثل منع ذكور الخيل من غشيان الإناث مع الشَّبق الشديد، بل منعِ الإماء من ذلك والعبيد، وشغلهم عِوَضاً عن ذلك بالاستخدام والكدِّ.

وقد ذكر ابن عبد السلام في " قواعده " (٢) الردَّ على من استقبح ذلك عقلاً من البراهمة، بأنهم غَفَلُوا عن أن بعض الحيوانات أشرف من بعض، وأن العقل يقضي بحسن انتفاع الأشرف بهلاك الأدنى أو كما قال.

ويشهد لما ذكره أن أهل الفِطَر السليمة من العرب حكموا بأن أنصف بيتٍ


= وذكره السيوطي في " الدر " ٣/ ٦٠ وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن منده في " الرد على الجهمية " واللالكائي، وابن مردويه وابن عساكر في " تاريخه ".
وأخرجه ابن أبي الدنيا في " الشكر " (١٦٥) عن خلف بن هشام، حدثنا الحكم بن سنان، عن حوشب، عن الحسن من قوله. والحكم بن سنان ضعيف.
وذكره السيوطي وزاد نسبته إلى أبي الشيخ، والبيهقي في " الشعب ".
وأخرجه أحمد في " الزهد " ص ٤٧ من قول بكر بن عبد الله المزني.
وذكره السيوطي عن قتادة والحسن، ونسبة إلى عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والبيهقي في " الشعب ".
(١) في (أ): وركوبه واستعماله.
(٢) انظر: " قواعد الأحكام " له ص ٥ (فصل فيما تعرف به المصالح والمفاسد وفي تفاوتها).

<<  <  ج: ص:  >  >>