للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: المنازعةُ في كون هذه اللفظة مخالفةً لقياس النسبة، وذلك أن أئمة العربية على أن النسبة إذا كانت إلى كلمتين على جهة الإضافة، وكان المضاف إليه متناولاً لمسمى بحياله باقياً على دلالته حُذِفَ المضاف، ونسب إلى المضاف إليه مثل الإضافة إلى ذي يَزَن، وذي جَدَن، وذي رُعَيْنٍ، وعبد مناف، وأبي بكرٍ، وابن عباس، وابن القاسم، وقوم لوط.

ممن ذكر ذلك الزمخشري في " المفصل " (١)، وذكر نحو ذلك الجوهري في " صحاحه " في مادة: شَمَسَ (٢) الأولى معجمة.

فعلى هذا إذا (٣) أردنا النسبة إلى نفي القدر حذفنا " نفي " لخفاء النسبة إليه، وجعلناها إلى " القدر " لشهرته كما ذكروه في الأزلي نسبة إلى نفي الزوال بلم يزل كما سيأتي، ولا مانع من هذا إلاَّ كونه يُوهِمُ الخطأ، والقرينة تمنع ذلك كما تمنعه في سائر النسب المخالفة للقياس، وهي ذم القدرية ووجوب إثبات القدر.

ولو امتنع مثل هذا، لامتنع ورود المجاز، لأنهما كلاهما لا يُفهمان إلا بالقرينة، فما خصَّ باب النسبة بالامتناع من ذلك؟ وهو الباب الذي شهد أئمة النقل بأن فيه ما هو وارد على خلاف القياس.

الوجه الثالث: أن الأحاديث المتقدمة في تفسير القدرية لمن قال: لا قدر، وإن لم يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد اشتهرت بين أهل اللسان وأهل المعرفة به من الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة العلم، ولم يُنْقَلْ إن أحداً منهم قدح فيها بأنها لا تصح في اللغة. وقد تقدم قول وهب بن مُنبِّه في ذلك.

وحكى السيد المرتضى في " الغرر " (٤) أن أبا القاسم البلخي حكى عن


(١) ص ٢١٠ - ٢١١.
(٢) ٣/ ٩٤٠ - ٩٤١.
(٣) في (ش): متى.
(٤) ١/ ١٦٩، وهو بتمامه: وحكى أبو القاسم البلخي أن عبد الله قال لابنه محمد: كل =

<<  <  ج: ص:  >  >>