للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله بن الحسن بن الحسن أنه قال لولده محمد: إني لا أعِيبُ عليك شيئاً إلا قولك بالقدر، فقال: هل تلومني على ما لا أقدر عليه أو على ما أقدر عليه؟ فقال: والله ما أعاتبك (١) عليه أبداً.

ففي هذا معا أنهما فَهِمَا من القدر نفيه، ولم يختلفا في ذلك، وأمثال ذلك كثيرة.

وتقدم مثل ذلك في الكلام على المشيئة عن أحمد بن عيسى بن زيد وغيره من قدماء أئمة أهل البيت عليهم السلام، وعن المعرِّي وأبي نُواس مثل ذلك في شعرهما، وهما من أهل اللغة والبلاغة.

ففي شعر المعري:

لا تكن مُجبراً ولا قَدَرِياً ... واتَّخِذْ مَذْهَباً يكن بَينَ بَينا (٢)

وفي شعر أبي نُواس:

ما صحَّ لا قَدَرٌ ولا جَبْرُ ... ما صَحَّ إلاَّ الموتُ والقَبْرُ (٣)


= خصالك محمودة يا بني إلاَّ قولك بالقدر، قال: يا أبَهْ، أفَشَيءٌ أقدِرُ على تركه أو لا أقدر على تركه؟ فورد الكلام على رجل عاقل، فقال: لا عاتبتك عليه أبداً. قال أبو القاسم: يقول: إن كنت أقدر على تركه فهو قولي، وإن كنت لا أقدر، فلِمَ تعاتبني على شيء لا أقدر عليه.
(١) في (ف): لا أعيبك.
(٢) هو في " اللزوميات " ٢/ ٥٣٥ وروايته فيها:
لا تعش مجبراً ولا قدرياً ... واجتهد في توسُّط بين بينا
(٣) إن صح عنه هذا فقد قاله في سكره ومجونه وهذيانه، فقد ذكر الخطيب في " تاريخه " ٧/ ٤٤١ بإسناده عن الحسن بن أبي المنذر قال: كان أبو نواس يشرب عند ابن أبي المنذر، فبات ليلة، ثم قال: قوموا، فقمنا ودخلنا حانة خمار قد كان يعرفه، ومعه غلام قد كان أفسده على أبويه وغيبه عنهما زماناً، ونحن في أطيب موضع، فذكرنا الجنة وطيبها، والمعاصي وما =

<<  <  ج: ص:  >  >>