للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد، فقد وقع ذلك، والوقوع فرع الصحة، فإن طائفة أهل السنة بغير شكٍّ على تسمية نافي القدر قدريّاً، والإجماع غير مُشتَرَطٍ في صحة الاصطلاح.

وأما ذمُّ نافي القدر المسمى بالقدري، فلم يأخذه أهل السنة من الاصطلاح، بل من أدلة العقول والقرآن والأحاديث الصِّحاح، وقد ظهر بهذه الوجوه السبعة أن المعتمد في هذه النسبة هو الاستنباط من مجموع أمرين:

أحدهما: الإجماع على أنها كلمةُ ذمٍّ.

وثانيهما: الدليلُ القاطع على ثُبوت القدر وصحته، ووجوب الإيمان به، وهما يستلزمان أن المذموم به من نفى القدر، أو نفى وجوب الإيمان به.

وأما ما يتعلق (١) به الفريقان من الاحتجاج في هذه المسألة بما استنبطوه من حديث " القدرية مجوسُ هذه الأمة " (٢) فبناءٌ على صحته -ولستُ أرى صحته- فأُعَوِّلُ على ذلك، وإن كان المنصور بالله ذكر في أول " الشافي " (٣) أنه مجمعٌ على صحته، فليس كذلك، وقد خالفه المؤيد بالله وسبقه بعدم تصحيحه، ذكره في " الزيادات ". وكذلك أئمةُ الحديث نصُّوا على عدم صحته كما تقدم، وإنما قال الحاكم: إنه صحيحٌ على شرطهما، إن صح سماعُ أبي حازم عن ابن عمر (٤)، وهذا سوءةٌ في التصحيح، لأنه لم يصح سماع أبي حازم عن ابن عمر، وما لم يصح بمثل هذه الطريق ممكن.


(١) في (ش): تعلق.
(٢) تقدم تخريجه ص ٤٦٠.
(٣) وهو كتاب في الرد على " الرسالة الخارقة " لمؤلفها عبد الرحمن بن منصور بن أبي القبائل، ويقع في أربعة أجزاء مخطوطة في المكتبة الغربية بالجامع الكبير بصنعاء رقم ٧٧ - ٨٧. انظر " فهرس مخطوطات المكتبة الغربية " ص ١٧٣ - ١٧٦.
(٤) " المستدرك " ١/ ٨٥. وأبو حازم هو سلمة بن دينار.

<<  <  ج: ص:  >  >>