للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما مُستندُ المنصور ما رآه من اشتغال الطائفتين من المتكلمين بتأويله دونَ تضعيفه، فجعله من قبيل المُتَلقَّى بالقبولِ، وهذا لا يدل على الصِّحة لأمرين:

أحدهما: أن المتكلمين من الطائفتين وإن كانوا أئمة الجدال، فلكلِّ علمٍ رجالٌ.

وثانيهما: أن الصحيح عند المحققين أن التلقي بالقبول لا يدل على القطع بالصحة، كما ذلك مُقَرَّرٌ في الأصول، وعلوم الحديث، وهذا هو مذهبُ الأكثرين والمحققين كما ذكره النواوي. وإنما قال به من أئمة الحديث ابنُ الصلاح (١)، وابن طاهر، وأبو نصر (٢)، وتضعيف المُحَدِّثين أخصُّ من وهم التلقي بالقبول، والقدح البَيِّنُ مُقََدَّمٌ على التصحيح عند أهل الحديث، وأهل الأصول.

وأما قول الخطابي وغيره من أهل السنة: إنه مُشتقٌّ من إثبات القدري قدرةً لنفسه حتى قال ابن العربي في " عارضة الأحوذي " (٣): إن القاف والدال والراء تدل على القدرة والمقدور، فمخالفٌ للحديث الوارد في تفسير القدرية بأنهم الذين يقولون: لا قَدَرَ (٤).

وكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: " الإيمان أن تؤمن بالقدر خيره وشره " (٥) يدل على ذلك، ولأن ذلك مخالف لقياس النسبة إلى القدرة، فإن قياسه بضم القاف وسكون


(١) ساقط من (أ) و (ف).
(٢) انظر " تدريب الراوي " ١/ ١٣١ - ١٣٣.
(٣) ٨/ ٢٩٥.
(٤) تقدم تخريجه ص ٤٤٧ - ٤٤٨.
(٥) تقدم تخريجه ص ٤٤٧ و٤٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>