للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أراد الله تعالى منع أسهل الأمور، تعذَّر على جميع القادرين كما صرف اليهود عن معارضة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتمنّي الموت بعد قوله تعالى: {ولَنْ يَتَمَّنَوهُ أبداً} [البقرة: ٩٥] وكما صرف الله المنافقين عن معارضته عليه الصلاة والسلام بالمتابعة بعد قوله: {قُلْ لَنْ تَتَّبِعونَا كَذلِكُم قال الله مِنْ قَبلُ} [الفتح: ١٥].

ولله تعالى حكمةٌ بالغةٌ في منع كثيرٍ من المعارف كما نصَّ على ذلك في منع معرفة الخلق لوقت يوم القيامة حتى قال سبحانه: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} [طه: ١٥].

وكما حجب الغيوب عن الخلق، قال سبحانه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: ٥٩].

وفي قوله تعالى للحواريِّين: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: ١١٥] إشارةٌ إلى أن زيادة البيان قد تكون سبباً في زيادة العذاب، فيكون مصلحة في طيِّ كثير من العلوم وإليه الإشارة بقوله عز وجل: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} [الإسراء: ٥٩].

وفي سبب نزولها في ذلك حديثان عن جابر وابن عباس، وإسناد كل منهما رجاله رجال الصحيح. ذكرهما الهيثمي في تفسير هود والإسراء (١).


= واعلم علماً ليس بالظن أنه
وهو غير منسوب في " عيون الأخبار " ١/ ١٠٢، و" التمثيل والمحاضرة " ص ٩، و" أساس البلاغة " ص ٣١١، و" الأمثال والحكم " ص ١١٣، و" اللسان " (سنا).
وقوله: " سَنَّى " أي: فتح وسَهَّلَ.
(١) تقدم تخريجهما ص ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>