للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: الثواب دائم.

قلنا: الدوام صفةٌ كالتعظيم، فإذا استحقَّت المنافع، بطل دوامها كالثواب المحبط، ويستحيل بقاء الصفة مع بطلان الموصوف، ويجوز أن يتفضل الرب بدوام العوض، ألا ترى أن المجاهد إذا استحق شيئاً من الغنائم على جهة التعظيم مجازاة، ووجب أن يقضي منه ديونه.

وأيضاً: فكل أمرهم مبنيٌّ على وجوب الثواب عقلاً، وقد مر إبطاله، ولكنه يجب في حكمة الله لوجوب (١) صدقه، وما يتعلق بغير المكلفين يكون القِصاص فيه بالأعواض أو بما يُهيئه لشكره (٢) وجب الحق عليه.

ويلزم المعتزلة الأمان من العذاب بسبب ظلم العباد، وقتلهم، لأنهم أوجبوا على الله أن لا يُميت الظالم إلاَّ بعد أن يكون له من الأجر ما يوفي جميع المظلومين، وهذا خلاف المعلوم.

ومن ذلك قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: ٤١].

وقوله: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة: ٢١].

وقوله تعالى: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} [التوبة: ١٢٦].

وقوله سبحانه: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: ١٧٩].


(١) في (ش): بوجوب.
(٢) في " (أ) و (ف): سكن!.

<<  <  ج: ص:  >  >>