للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ} [الأنفال: ٤٣].

فيجوزُ في بعض المتشابه مثله، وقد يرد بما ظاهره في أفهام الجاهلين باطلٌ، والدليل على تأويله عند العلماء قائمٌ، ومتى ورد عليهم لم يشُكُّوا فيه، وذلك، كقوله لعيسى عليه السلام: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: ١١٦]، فإنه لما ورد على عالم أن الله يعلم الغيب {قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: ١١٦] وهذا شرط حسن للمجاز عند علماء البيان أن يرد على عالمٍ بامتناعِ ظاهره كما مرَّ في موضعه.

ومن ذلك خلقٌ من المعلوم إنه يعصي، فيُعفى عنه بتوبةٍ أو شفاعةٍ أو رحمةٍ، وإن ناله بعض ما يستحقه من العقوبة، ففي " صحيح مسلم " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لو لم تُذْنِبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيَغْفِرُ لهُم ".

وفي حديثٍ فيه أيضاً: "يُذنِبُون كَيْ يَغفِرَ لَهُمْ".

وفي " مسند أحمد ": "يذنبون فيَغفرُ لهم".

رواه مسلم في " الصحيح " من حديث أبي هُريرة، وأبي أيوب.

وفي الباب عن أنسٍ، وابن عباس، وأبي سعيد، وعبد الله بن عمرو بن العاص (١)، ولذلك طُرقٌ كثيرة، وشواهد قويةٌ، تقدم ما عرفت منها في مسألة المشيئة.


(١) تقدم تخريجه ٤/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>