للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن جابرٍ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لَمَّا عُرِجَ بإبراهيمَ - صلى الله عليه وسلم -، رأى رَجُلاً يَفْجُرُ بامرأةٍ فدعا عليه، فأُهْلِكَ، ثم رأى رَجُلاً على معصيةٍ، فدعا عليه، فأوحى الله إليه: إنه عبدي وإنَّ قَصْرَه مني، إما أن يتوب فأتوب عليه، وإما أن يستغفرني فأغفر له، وإما أن يخرُجَ من صُلبِهِ من يعبُدُني، يا إبراهيم أما علمت أن من أسمائي أني أنا الصبور ". رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عليٌّ بن أبي علي اللَّهَبي، قال أحمد: له مناكير (١)، قلت: لكنه صحيح المعنى بشواهده.

وقال شيخ الإسلام في كتابه " منازل السائرين " (٢): إنما يُخَلِّي الله تعالى بين العبد وبين الذنب لأمرين:

أحدهما: أن يعرف عزَّته في قضائه، وبرَّه في ستره عليه، وحلمه في إمهال راكبه وفضله في مغفرته له، وكرمه في قبول العذر عنه.

وثانيهما: ليِعلَمَ طالبُ البصيرة الصادقة أن سيئته لم تُبْقِ له حسنةً بحالٍ، فيصير بين مشاهدة الحكم والمِنَّة، فيُقيم عليه حجة عدله، ويعاقبه بذنبه.

وإنما ذكرت كلام شيخ الإسلام هنا، وليس من شرط ما أنا فيه أن أُورد إلا ما هو حُجةٌ من كلام الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه رحمه الله أحسن العبارة والترجمة عن كتاب الله تعالى وأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يبعد ما فيها.

ومن ذلك خلقٌ من المعلوم أنه يصير إلى النار من الكفار، وقد تباينت (٣) مذاهب المتكلمين في ذلك، وفي ذكر مقالاتهم وحججهم ومناقضاتهم شناعاتٌ يفرح بذكرها أعداء الإسلام، فلنتقصر على ذكر ما يناسب السمع قرآناً وسنة.

ولا شك أن هذه المسألة أمُّ (٤) المتشابهات، وأنه لا يعلم تأويل المتشابه


(١) تقدم ص ٣٢٩.
(٢) في " مدارج السالكين " ١/ ٢٠٤.
(٣) في (أ): تقابلت.
(٤) في (ش): من.

<<  <  ج: ص:  >  >>