للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والترهيب، والثواب والعقاب، فوجوب الفعل وامتناعه حينئذٍ، ولا مدح ولا ذم في الواجب، ولا في الممتنع.

السادس: وهو أدقها وألطفها، الطعن في قولهم: إن إيمان الكافر على خلاف المعلوم محالٌ فنقول (١): خلاف المعلوم مع ذلك المعلوم محالٌ أم بدلٌ عن (٢) ذلك المعلوم؟ الأول مسلّم، والثاني ممتنعٌ (٣) ولا يمكن دعواه، لأن الترك في الممكنات بدل عن وجودها، والإيجاد بدل عن الترك، صحيح، وإلاَّ فلا، لا نقلب الممكن ممتنعاً وإنه محالٌ، وإذا كان خلاف المعلوم بدلاً عن ذلك المعلوم ممكناً (٤)، دخل في مقدور القادرين عليه.

فإن قيل: لو قدر عليه، لزم من فرض وقوع الإيمان محال، وهو تغير علم الله تعالى.

قلنا: لا نُسَلِّمُ ذلك، لا سمعاً ولا عقلاً.

أما السمع: فلقوله عز وجل: {لَوْ كَانَ فِيهِما آلِهَةٌ إلاَّ الله لَفَسَدتا}

[الأنبياء: ٢٢]، وعلى كلام الخصم، لاستحال أن يَفْسُدَ، لأن الله قد عَلِمَ عدم فسادهما.

وأما العقل: فلأنَّا إذا فرضنا وقوعه، يلزم أن يكون الله علم وقوعه، كما يلزم أنه لو كان فيهما آلهةٌ إلاَّ الله عَلِمَ فسادهما، وليس هذا بتغيير العلم، بل هذا وقوع علمٍ مكان علمٍ بسبب اختلاف التقدير، والسمع الحق قد دل على تجويز تقدير الممتنعات لبيان امتناعها، وأنه يُبنى على التقدير ما يُبنى على التحقيق


(١) في (أ) و (ف): فقول.
(٢) في (أ) و (ف): على.
(٣) في (أ) و (ف): ممنوع.
(٤) في (أ) و (ف): ممكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>