للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم متوقفة على أفعال الرب الاختيارية في الآخرة، فكما قدر فعل الله في جزائهم، وفعله سبحانه اختياري لا ضرورة فيه ولا جبر، ولم يستلزم وقوع القضاء والقدر فيه نفي (١) الاختيار والفوائد، وأنه ينبغي أنه سبحانه لا يفعله لعدم الفائدة فيه (٢)، أو لعدم القدرة عليه، فكذلك ما قدر من أفعال العباد الاختيارية المطلوبة بالأمر لا يلزم من سبق تقديرها عدم القدرة عليها، ولا عدم الفوائد بها.

ولذلك (٣) ثبت في " صحيح مسلم " من حديث أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: ٤٨ - ٤٩] إنما أنزلت في القدرية. ورواه الترمذي أيضاً، وقال: حديث حسن صحيح (٤).

وروي نحوه من طريق ابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وزرارة، وأبي أُمامة، كلهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم (٥).

والظاهر أن معناه أنهم احتجوا على حُسْنِ معاصيهم بسبق القدر، فاحتج الله على حسن عذابهم بذلك بعينه (٦) وهذا في غاية العدل والإفحام، كما ثبت في " الصحيح " أنه سبحانه يقول: " أليس عدلاً مني أن أُوَلِّي كُلاًّ ما تَولَّى " الحديث (٧).


(١) " نفي " ساقطة من (ف).
(٢) " فيه " سقطت من (ف).
(٣) في (ف): والذي.
(٤) تقدم تخريجه ص ٤٠٢.
(٥) انظر ص ٤٦٥.
(٦) " بعينه " ساقطة من (ف).
(٧) هذا وهم من المؤلف -رحمه الله- فالحديث ليس في أحد الصحيحين، وربما قصد بهذا اللفظ أنه في " المستدرك " للحاكم، فإنه فيه ٤/ ٥٨٩ - ٥٩٢ مطولاً من حديث ابن مسعود، وهو يطلق الصحة عليه في غير موضع من كتابه هذا، وهو تساهل غير مرضي عند =

<<  <  ج: ص:  >  >>