للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُسْنَ ذلك من الله تعالى، ويمنعون قُبحَه من الله تعالى.

والثاني: ممنوعٌ لأمورٍ:

أولها: أن من نسب إلى الله تعالى الحُسْنَ، وهو يعتقد أنه قبيح، كفر إجماعاً، لأنه قصد انتقاص الرب تعالى، فدل على أن الحكم للاعتقاد لا لمطابقته المعتقد، فيلزم في من اعتقد في أمرٍ قبيح أنه حَسَنٌ، ثم نسبه إلى الله تعالى، أنه لا يكفر، لأنه قصد مدح الرب عزَّ وجلَّ بكمال القدرة ونفوذ المشيئة، مع تصريحه بأن لله الحجة البالغة، عرفها أو لم يعرفها.

وكم يقع للمعتزلة مثل هذا كثيراً، فإنهم اختلفوا في آلام الأطفال والبهائم ومن لا ذنب له.

فمنهم من قال: يحسن مع العِوَضِ وحده.

ومنهم من قال: مع الاعتبار وحده.

ومنهم من قال: هي مع العوض وحده عَبَثٌ، لإمكان التفضل (١) بالعوض من دون ألمٍ، ومع الاعتبار وحده ظلم في حق الصغير والعَجْماوات، لأن المعتبر غير الأليم.

وهذا (٢) هو المختار عندهم، فيجب في الألم أن يكون جامعاً بين العوض والاعتبار، ومع هذا فلم يُكَفِّروا من جوَّزه بأحدهما، ويجعلوه بمنزلة من أجاز العبث أو الظلم على الله تعالى.

وكذا تقدم أن قاضي القضاة منع من تكليف من عَلِمَ أن لُطْفَه في فعلٍ قبيحٌ، وقال: إنه غير مُزَاحِ العلة، ولم يُكَفِّرِ الشيوخ لتجويزهم على الله تعالى تكليف من هو كذلك، وأمثال هذا بينهم كثيرة، مثل قول أبي القاسم البَلْخِي والبغدادية: إن تكليف الكافر لمصلحة المؤمن تجوز على الله تعالى، وهذا ظلمٌ عند سائر المعتزلة.


(١) في (ش): الفضل.
(٢) في (ش): فهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>