للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرضا (١)، كل واحدٍ في مدلوله الحقيقي اللغوي، لأنه لا مانِعَ عنده من استعمالها في حقائقها في المخلوقين.

وهذا التأويل الذي ذكره البيهقي عن الأشعري هو مذهب المعتزلة أجمعين في حق الله تعالى.

واعلم أنه لا يُفَرِّقُ بين هذه الأمور ويميزها (٢) إلاَّ من عرف علم اللطيف، وهو فنٌّ مستَقِلٌّ من فنون الكلام، وللمعتزلة فيه " تذكرة " ابن متويه، وللأشعرية فيه " الملخص " للرازي.

وقد ذكر الغزالي في " المنقذ من الضلال " (٣) تقصير المتكلمين فيه، لأنه ليس من مقصودهم الأول، وإنما عنى أن مقصودهم الذب عن الإسلام، ثم اضطروا إلى الكلام في بعضه، وإنما هو من مقصود علوم (٤) الفلاسفة. فإذا كان المتكلمون قد قصروا فيه، فما ظنُّك بمن ليس من النظر في شيء إذا تعرض للخوض فيه، وإنما حملني على التنبيه على هذه الجمل (٥) اليسيرة قَرْعُ أسماع الغافلين الخائضين في التضليل والتكفير بغير هُدَىً ولا كِتابٍ مُنِيرٍ.

فيا عَجَبَاهُ ممن يُكفر طوائف من المسلمين ولم يعرف ما قالوا، ولا هو أهلٌ لفهم ما قصدوا، ولا فهم ما خافوا وحَذِرُوا

ومن البَلِيَّةِ عَذْلُ من لا يَرْعَوِي ... عَن غَيِّهِ وخِطابُ مَنْ لا يَفْهَمُ (٦)


(١) من قوله " الإرادة والاختيار " إلى هنا، سقط من (ش).
(٢) في (ش): وغيرها.
(٣) انظر ص ٩٢ - ٩٣ منه.
(٤) في (ش): علم.
(٥) في (ش): الجملة.
(٦) البيت للمتنبي وهو من قصيدة يهجو بها إسحاق بن إبراهيم الأعور ابن كيغَلَغ، وهي في " ديوانه " ٤/ ١٢١ - ١٣٢ بشرح أبي البقاء العكبري، ومطلعها:
لِهَوى النفوس سريرةٌ لا تُعْلَمُ ... عَرَضاً نَظَرتُ وخِلتُ أني أسلمُ
قال الصفدي في " الوافي بالوفيات " ٨/ ٤٠١: وكان إسحاق هذا قد ولاّه المقتدر ساحل الشام، وكان جواداً ممدَّحاً شاعراً محسناً، توفي في حدود العشرين وثلاث مئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>