للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوجِدُها في المتكلم غير متعلقةٍ بكون كلامه خبراً أو إنشاءً، ثم يُعَلِّقُها المتكلم بأحدهما باختياره.

بيانه: أنه قد ثبت أن للإرادة بالمراد تعلُّقاتٍ شتى، فبالنظر إلى حدوثه يسمى إرادةً، وبالنظر إلى كونه خبراً وصدقاً وكذباً يُسَمَّى قصداً، فلأبي هاشمٍ أن يجعل هذا التعلق المختص باسم القصد من فعلنا واختيارنا، وإن كانت الإرادةُ في ذاتها من فعل الله، وهي تسمى مؤثرة في الخطاب في الحقيقة العُرفية. وإن كان التأثير على التحقيق لهذا التعلق الخاص، لا سيما، وقد نصَّ ابن متويه في الكلام الذي مضى في الوجه الثاني على هذا المعنى، وهو أن المؤثر في الكلام هو نوع من الإرادة يختصُّ باسم القصد، فإنه إنما اختص بذلك الاسم لوقوع الكلام به على وجهٍ.

وذكر في فصل آخر أن القبيح لا يقبُحُ بالإرادة في وجه القبح مثل كون الخبر كَذِباً، لأنه إنما يصير خبراً بالإرادة.

قلت: ومعنى هذا أنها مُصَحِّحَةٌ لوقوع الكلام خبراً كاذباً، والمؤثِّر في قبحه وقوعه (١) كذلك لا بالإرادة، فليست هي المؤثرة، ولكنها مصححةٌ للوجه المؤثر.

وكلامه ها هنا (٢) لا يناقض ما قدمه من أن الكلام لا يصير خبراً إلاَّ بالقصد، لأن القصد نوعٌ من الإرادة، كما أن النية نوعٌ منها، والأنواع لا يتميز بعضها من بعض، ولا تتميز هي من أجناسها إلاَّ لوقوعها على الوجوه المختلفة، كما ذكر في تقاسيم الإرادة، حتى قسمها إلى: عَزْمٍ ونية وقَصْدٍ وإيثارٍ واختيارٍ ومحبةٍ وحَسَدٍ وغِبْطَةٍ ومُوالاةٍ ومُعاداةٍ، وكل هذه الأقسام يتميَّز بعضها من بعض بوجه مفهوم يقع الفعل عليه باختيار المختار، فيتغير اسم الإرادة ليدل تغييره وتبديله على المعاني المختلفة، وهذا التفصيل بمنزلة التقييد.

وقوله في غير هذا الفصل: إن الكلام يصير خبراً بالإرادة بمنزلة المطلق


(١) في (ش): هو وقوعه.
(٢) في (ش): فكلامه هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>