صح أن يُشتق للعبد ما لا يشتق للرب من اسم المُطيع والعابد والعاصي والكافر والمؤمن والمتقرِّب وما لا يُحصى، فكذلك الظالم وفاعل الظلم والقبيحِ ونحو ذلك.
وقول ابن متويه: ويشبه القصد في هذا الوجه قولنا: إيثارٌ واختيارٌ يعني أنهما من أسماء الإرادة عند تعلقها ببعض الوجوه المخصوصة، وأنهما لا يتعلقان بفعل الغير كالقصد، فيجب أن يكونا وما تعلقا به من فعل فاعلٍ واحدٍ، كما هو قول الأشعرية في الإرادة، فالإيثار اسم لإرادة الإحسان إلى الغير ممن ليس له غيرُ ما أعطى، والاختيار هنا هو في معنى النية بزيادة شرط المقارنة والقدرة، فهو اسمٌ للإرادة على هذه الشروط المخصوصة.
الوجهُ الثالث: أن الشيخ أبا هاشمٍ، وهو شيخ الاعتزال، قد جوَّر أن تؤثِّر الإرادة في الخطاب، وإن كانت من فعل الله تعالى والخطاب من فعلنا، فيكون خبراً أو إنشاءً بها، ويُنْسَبُ كونه خبراً أو إنشاءً إلينا، كما أن العلم الضروري بالصناعات المحكمة التي هي فِعْلُنا تؤثِّر في أحكامها، وتنسب الأحكام إلينا، مع أن العلم الضروري المؤثر في صحة الأحكام من فعل الله تعالى، وهذا كلامٌ صحيحٌ.
وقد اعترضه ابن متويه بأنها لو أثرت، وهي من فعل الغير، لكان أحدنا إذا أوجد (١) الكلام ووجدت هذه الإرادة خرج عن الاختيار في جعل كلامه خبراً، ومعلومٌ أن كونه خبراً مضافٌ إلى الفاعل، ولا يمكن التسوية بينها وبين العلم، لأن مع وجود العلم تصح أحكام الفعل، ويبقى الاختيار له فيه، سواء كان العلمُ من فعله أو من فعل غيره.
والجواب على ابن متويه: أنه قد اعترف في " تذكرته " أنه يصح وجود الإرادة غير متعلقةٍ، وهو مذهب أبي هاشم وغيره، فيمكن أن يقول: إن الله تعالى