قاتلاً، والأمير قاتلاً، لأن القتل ارتبط بقدرتيهما، ولكن على جهتين مختلفتين. انتهى.
وفيه بيان أنه ليس من المقدور بيان قادرين في شيء، بل هذا مقدوران بين قادرين، فمقدور العبد مجرد الاختيار لا سوى، ومقدور الرب ما سوى ذلك.
فهؤلاء اعتقدوا أن كل موجودٍ من جسمٍ عَرَضٍ، ومن مُحْكَمٍ وغير محكم يسمى مخلوقاً، وكل مخلوق فلا يطلق على الحقيقة إلاَّ فيما خلقه الله تعالى، واحتجوا بنحو قوله تعالى:{هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ الله}[فاطر: ٣]، وقوله تعالى:{أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد: ١٦].
فلم يجيزوا مقدوراً بين قادرين، لأنه يقتضي أن يشترك العبد والرب في إيجاد الشيء المخلوق، وإن كان العبد غير مستقلٍّ، بخلاف الطائفة الأولى فأجازوا ذلك مع إعانة الله تعالى لعبده وإذنه، ولا يسمى خالقاً إلاَّ المستقل، وسيأتي الكلام على هذه الآيات في الكلام على الفرقة الرابعة، إن شاء الله تعالى.
وأما الاختيار فليس عند هؤلاء شيئاً حقيقياً، فلا يستحق الدخول في عموم خلق كل شيء، فلذلك نَسَبُوه إلى قدرة العبد.
ولبعض المعتزلة قول شبيه (١) بهذا، وهو قول الجاحظ وثُمامة بن الأشرس: إنه لا فعل للعبد إلاَّ الإرادة، لكن المعتزلة يتعافَوْنَ البدع فيما بينهم حتى يقول بها غيرهم، وألزموه الكفر، وأخرجوه من الإسلام، وإلا فأيُّ فرقٍ بين قول الأشعري وثمامة والجاحظ.
فأما كون الإرادة شيئاً حقيقياً بخلاف الاختيار، فلا أثر لذلك، لما مضى من تقرير إجماع المعتزلة على أن الحسن والقبح لا يتعلَّق بذوات الأشياء