للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مختلفتين، فارتباطه بالعبد من أجل اختياره ارتباط المشروطات بشروطها، وارتباطه بالرب من أجل قدرته ارتباط المعلولات بعِلَلِها، ولهذا الارتباط يصح أن يُسمى (١) العبدُ فاعلاً، والربُّ فاعلاً، وليس هذا من تجويز مقدورٍ بين قادِرَيْنِ، وفعلٍ بين فاعلين في شيء على التحقيق.

وإن كان صاحب " الخارقة " (٢) قد أطلق ذلك عليه فقال ما لفظه: وأما قوله: لا (٣) يصح مقدورٌ بين قادرين، وكذا فعلٌ بين فاعلين، فنقول: إذا كانا فاعلين لمعنى (٤) واحد، وقادرين بمعنى واحدٍ، فذلك هو الممتنع، وأما إذا كانا على وجهين مختلفين فلا يمنع.

وبيانه: أن الآدمى محلٌّ لفعل الله تعالى ومحلٌّ لمقدوره، ولا تمانُعَ بين الله وبين عبده لأن الله تعالى فاعلٌ مُخترعٌ، والأدمي محل لذلك، فأين التمانع؟

وهذا كما تقول: قتل الأمير فلاناً، وتقول: قتله الجلاد، ولكن (٥) الأمير قاتلٌ بمعنى، والجلاد قاتل بمعنى آخر.

وذلك أنه تعالى خلق في العبد القدرة، وارتبطت القدرة بالإرادة، والحركة بالقدرة ارتباط الشرط بالمشروط، وارتبطت بقدرة الله تعالى ارتباط الشرط بالمشروط، وارتبطت بقدرة الله تعالى ارتباط المعلول بالعلة، وكل ما له ارتباط بقدرة، فإن محلَّ القدرة يسمى فاعلاً كيفما كان الارتباط كما يسمى الجلاد


(١) في (ش): اسم، وهو تحريف.
(٢) هو عالم الأشعرية عبد الرحمن بن منصور بن أبي القبائل الهمذاني، وكان حياً سنة ٦٠٨ هـ، وهي رسالة صدرها باسم " الخارقة لأستار القدرية المارقة " وقد رد عليه فيها الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة بكتاب سماه " الشافي ". انظر " فهرس المخطوطات بالجامع الكبير بصنعاء " ١/ ١٧٣ - ١٧٦.
(٣) في (ش): فلا.
(٤) في (ش): بمعنى.
(٥) في (ش): وذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>