للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا (١) قول الأشعري، وقد شَذَّ به ولم يُتابَعْ عليه، ورد عليه أصحابه هذا كما ردَّ به المعتزلة، وذلك واضحٌ في كتبهم.

وأهل هذا القول على رِكَّتِه وتصريحهم بما يُفهم منه الجبر الصريح، قد صرَّحوا بما يخرجهم عن صريح الجبر، وجحد الضرورتين العقلية والشرعية، فروى عنهم الرازي في " نهاية العقول " واللفظ له، والبيضاوي في " مطالع الأنوار " (٢)، والشهرستاني في " نهاية الإقدام " أنهم يقولون: إن الاختيار إلى العبد، فإن اختار الطاعة خلقها الله تعالى فيه عقيب اختياره لها، وإن اختار المعصية خلقها الله تعالى فيه عقيب اختياره لها.

قال الرازي: ولهذا يحسن عندهم توجيه الأمر والنهي إليه.

قلت: وقد تقدم الكلام على الاختيار، وأنه وصفٌ إضافي وليس بشيء حقيقي وما يترتب عليه من الكلام سؤالاً وانفصالاً.

وتحقيق مذهب هؤلاء أن اختيار العبد شرطٌ عادي (٣) في الحركة والسكون، كما أن فعله عند المعتزلة شرطٌ عادي (٣) في تأثير السحر وفي خلق الولد من النطفة وسائر المسبِّبات ففعل العبد على هذا مرتبطٌ بالعبد وبالرب من جهتين


(١) في (ش): وهذا هو.
(٢) كذا سماه المؤلف رحمه الله " مطالع الأنوار "، والمعروف المتداول أنه " طوالع الأنوار " وهو مطبوع.
والبيضاوي: هو القاضي أبو الخير أو أبو سعيد، ناصر الدين عبد الله بن عمر بن محمد بن علي الشيرازي، صاحب التصانيف البديعة المشهورة في التفسير والفقه وأصوله، كان إماماً مبرِّزاً نظّاراً صالحاً متعبداً زاهداً، والبيضاوي نسبة إلى مدينة البيضاء، وهي مدينة مشهورة بفارس قرب شيراز، توفي سنة (٦٨٥ هـ) في مدينة تبريز. انظر ترجمته في " الوافي بالوفيات " ١٧/ ٣٧٩، و" طبقات الشافعية " للسبكي ٨/ ١٥٧ - ١٥٨، و" البداية والنهاية " ١٣/ ٣٢٧.
(٣) الجادة أن يقال: " المعتاد " لأن العادي في لغة العرب هو القديم.

<<  <  ج: ص:  >  >>