للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا القدر كفايةٌ مع ما يَرِدُ من ذكر الشهرستاني لمذاهب المعتزلة والجواب عنه.

ثم ذكر أن كلام المعتزلة ينحصر في مسلكين (١): أحدهما: مَدْرَكُ العقل (٢)، والثاني: مَدرَكُ السمع.

قال: أما الأول: فهو أن الإنسان يُحِسُّ (٣) من نفسه وقوع الفعل على حسب الدواعي والصوارف، فإذا أراد الحركة تحرَّك، وإذا أراد أن يَسْكُنَ سكن، ومن أنكر ذلك، فقد جحد الضرورة، ولولا صلاحية القدرة الحادثة لإيجاد ما أراد لما أحس (٤) من نفسه ذلك، قالوا: وأنتم توافقونا على إحساس التفرقة بين حركتي الضرورة والاختيار، ولم يَخْلُ من أحد أمرين:

إما أن يرجع إلى نفس الحركتين من حيث إن إحداهما واقعةٌ بقدرته، والأخرى واقعة بقدرة غيره.

وإما أن يرجع إلى صفةٍ في القادر من حيث إنه قادرٌ على أحدهما أو غير قادر (٥) على الآخر، وإن كان قادراً فلا بد من تأثيرٍ ما في مقدوره، ويجب أن يتعين الأثر في الوجود، ولأن حصول الفعل بالوجود لا بصفةٍ أخرى تقارن الوجود، وما سميتموه كسباً فغير معقولٍ، فإن الكسب إما أن يكون شيئاً موجوداً أم لا، فإن كان شيئاً موجوداً فقد سلَّمْتُمُ التأثير في الوجود، وإن لم يكن موجوداً، فليس بشيء فلا تأثير.

وأكدوا هذا بقولهم: إثبات (٦) قدرةٍ لا تأثير لها كنفي القدرة، فإن تعلقها بالقدرة كتعلق العلم بالمعلوم، ولا يجد الإنسان تفرقة بين حركتين في أن


(١) في (ش): مسألتين.
(٢) في (ش): الفعل، وهو خطأ.
(٣) في (أ): يحسن، وهو خطأ.
(٤) في (أ): أحسن، وهو خطأ.
(٥) في (ش): وهو قادر.
(٦) في (ش): إن إيثار، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>