للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثرِ القُدرة الحادثة معقولاً ومفهوماً.

ومن أراد تعيين ذلك الوجه الذي سمَّيناه حالاً، وأثبته أثراً، فطريقه أن يجعل حركة إما (١) اسم جنسٍ يشمل (٢) أنواعاً وأصنافاً، أو اسم نوعٍ يتمايز بالعوارض واللوازم، فإن الحركة تنقسم إلى أقسامٍ، فمنها ما هو كتابةٌ، ومنها ما هو قولٌ، ومنها ما هو صناعة باليد، وينقسم كل قسمٍ أصنافاً، فتكون كونها حركة كتابةً، وكونها صناعة متمايزين، وهذا التمايز راجعٌ إلى حالٍ في إحدى الحركتين يُمَيِّزُها (٣) عن الثانية، مع اشتراكهما في كونهما حركةً.

وكذلك الحركة الضرورية والحركة الاختيارية فتضاف تلك الحال إلى العبد كسباً وفعلاً، ويُشْتَقُّ له منها اسمٌ خاص مثل: قام وقعد، وقائِمٌ وقاعدٌ، وكتب وقال، وكاتبٌ وقائلٌ، ثم إذا اتصل به أمرٌ ووقع ذلك على وفق الأمر سُمِّي عبادةً وطاعةً، فإذا اتصل به نهيٌ ووقع على خلاف الأمر سُمِّي جريمةً ومعصيةً، ويكون ذلك الوجه هو المكلَّف به، وهو المقابل بالثواب والعقاب كما قال الخصم: إن الفعل يقابل بالثواب والعقاب لا من حيث إنه موجودٌ، بل من حيثُ إنه حسنٌ وقبيحٌ، فالحسن والقبح حالتان زائدتان (٤) على كونه فعلاً، وعلى كونه موجوداً، والخصم أبعد من العدل، فإنه أضاف إلى العبد ما لم يُقابَلْ بثوابٍ ولا عقابٍ، وقابَلَ بالثواب والعقاب ما لم يكن من آثار قدرة العبد.

والقاضي الباقِلاَّني عيَّن الجهة التي لا تقابل عنده بالجزاء وهي الوجود، فأثبتها فعلاً للرب سبحانه، وعيَّن الجهة التي هي تُقابَلُ بالجزاء وهي كونُ ذلك الوجود طاعةً أو معصيةً، فأثبتها من فعل العبد وكسبه، ثم قابلها بالجزاء، وذلك هو العدل. إلى آخر ما ذكره من تقرير هذا المذهب، وهو كلامٌ طويلٌ.


(١) في (أ) و (ف): ما، وهو خطأ.
(٢) في (ش): يشتمل.
(٣) في (أ): بتميزها، وكتب فوقها " يميزها: ط "، وفي (ش): يتميز بها.
(٤) في (أ): زائدان، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>