للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يليق بصلاحية قدرته واستطاعته وإثبات الافتقار والاحتياج إلى الله تعالى، ونفي الاستقلال والاستبداد، فيجد في التكليف مورداً إلى موردي الخطاب فعلاً واستطاعةً، ويصادف في الجزاء تفضُّلاً ومقابلة، والله أعلم، وهو الموفق سبحانه.

انتهى كلام الشهرستاني في " نهاية الإقدام "، وبعضه يحتاج إلى شرحٍ لمن لم يَتَدَرَّبْ في علم الكلام، ولكن قد طال الكلام، والزيادة على هذا تُورِثُ السَّآمة والملل.

وقد أوجز الرازي العبارة في تفسير الكسب، فقال في كتاب " الأربعين ": إن الله تعالى يخلق الحركة المطلقة بقدرته سبحانه، والعبد بقدرته يجعل تلك الحركة صلاةً وظلماً، أو كما قال.

وقال الرازي في " النهاية " والشيخ مختار في (١) " المجتبى " في تفسير طريقة الباقِلاَّني في الكسب: هي أن القدرة الحادثة وإن لم تكن مؤثِّرَةً في وجود الفعل، لكنها مؤثرة في وجود صفةٍ له، وهي كونه طاعةً ومعصيةً. انتهى.

قلت: وبعض المتكلمين من الأشعرية كإمام الحرمين وأصحابه وبعض المعتزلة كأبي هاشم وأصحابه شَنَّعُوا على أهل الكسب في قولهم: إنه غيرُ معقولٍ، فإن معنى " غير معقول " (٢) أنه يستحيل تصوُّرُه في الذهن وتفهمه، وإذا استحال ذلك، استحال الجواب المعين عليه بالبطلان، وهذا غلوٌّ في العصبية فاحش وليس كذلك (٣)، ولا في معناه شيء من الغموض والدقة، فإن الكسب هو فعل العبد بعينه الذي هو الطاعات والمعاصي والمباحات وسائر التصرفات، وهذا شيءٌ ليس فيه دقةٌ، وإنما اختاروا تسمية فعل العبد بالكسب دون الفعل،


(١) " في " سقطت من (أ).
(٢) عبارة " فإن معنى غير معقول " ليست في (أ) و (ف).
(٣) " وليس كذلك " لم ترد في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>