للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعله على شيء من تلك الصفات، فدارت العلة على القدرة على الذات وجوداً وعدماً.

فنقض أبو الحسين ما ذكروا بأنه (١) ليس لكلامنا بكونه خبراً أو إنشاءً صفةٌ حقيقية، لأنه لا يوصف بالخبر والإنشاء من الكلام إلاَّ الجُمَلُ، ويستحيل وصف الحرف الواحد بذلك، مع أنه لا يصح عند الخصم أن يوجد (٢) من الكلام إلا الحرف بعد الحرف، والمعدوم لا يصح وصفه بصفةٍ حقيقيةٍ.

سلمنا أن كلامهم في هذه المسألة هو الصحيح دون كلام أبي الحسين، وأن كلام الشيخ أبي الحسين مع البهاشمة يختص بصفات الأجسام التي هي باقيةٌ دون التي لا بقاء لها كما يشير إلى ذلك كلام الشيخ مختار في " المجتبى " في الرد على من قال بالكسب، فإنه لا يلزم أهل الكسب منه شيء، لأن كلامهم في الكسب إنما هو إكساب (٣) الذات صفات الحسن والقبح، وهي إضافيةٌ لا وجود لها، بدليل أنا نصف التروك بها، وليست التروك بأشياء على المذهب الصحيح وهو مذهب البهاشمة.

ولو سلمنا أن التروك أشياء، فالقول بأن الوجوب والتحريم ونحوهما ليست بأشياء حقيقيةٍ وإنما هي أوصافٌ إضافية كلمة إجماعٍ بين المتكلمين، ولو كانت أعراضاً وجوديةً، لوجب قيامُ العَرَض بالعَرَض، فإن الصلاة عَرَضٌ، فلو كان وجوبها عرضاً آخر وهي متصفة به، لكان العرض قد حل العرض.

وخلاصة مذهبهم أن الهَمَّ بالفعل اختيار وقوعه على الوجوه من أثر قدرة العبد، وذلك سابقٌ على حدوثه الذي هو قدرة الله، فلما كان الله يخلق حدوث الفعل في العبد بعد همِّ العبد واختياره المؤثر في حسن كسب العبد وقبحه (٤)،


(١) في (ش): به أنه، وهو تحريف.
(٢) في (ش): يؤخذ، وهو خطأ.
(٣) في (ش): اكتساب، وهو خطأ.
(٤) في (أ): وكسبه، وهو خطأ، والمثبت من (ش)، وقد كتبت على الصواب فوق الكلمة في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>