للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب لمجرد كونه (١) كذباً، ولا نفع (٢) لذلك عند جميع العقلاء، فيجب في من هذه حاله اعتقاد صدقه.

ومن ذلك قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} الآية [الزخرف: ٣٣] وذلك يدلُّ على أن الداعي إلى الكفر لو كان راجحاً للجميع، لوقع من الجميع.

ونحو ذلك قوله تعالى: {ولو بَسَطَ الله الرِّزْقَ لِعِبادِه لبَغَوا في الأرضِ} [الشورى: ٢٧].

ومنه قوله تعالى: {مَا يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُم إنْ شَكَرتُم وآمَنْتُمْ} [النساء: ١٤٧].

ومن ألطفه قوله تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [الصافات: ١٥٣ - ١٥٤] فإنه مع بنائه على أن المرجوح لا يقع مبنيٌّ على لطيفةٍ أخرى: وهي أن تفضيل الذكور على الإناث عقلي لما يلزم الذكور من المنافع الراجحة، والخصال الحسنة المحمودة.

ومثلها قوله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: ١٨]. وقد كانت العرب تعرف هذا ومن لا يعرف النظر الدقيق، ولهذا قال علماء المعاني في قول الشاعر (٣):


(١) في (ش): لكونه، وهو خطأ.
(٢) في (ش): يصح.
(٣) هو الحارث بن حِلِّزة اليشكري، شاعر قديم مشهور، من المقلِّين، وهو صاحب الجاهلية السائرة:
آذنَتْنا بِبَيْنِها أسماءُ ... رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ منه الثَّواءُ
يقال: إنه ارتجلها بين يدي عمرو بن هند ارتجالاً في شيء كان بين بكر وتغلِب بعد الصلح.
وهو آخر بيت من قصيدة مطلعها:
مَنْ حاكمٌ بيني وبيـ ... ـن الدَّهرِ مالَ عليَّ عَمْدا =

<<  <  ج: ص:  >  >>