للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الجوهري في " صحاحه " (١): يقال: خلقتُ الأديم، إذا قدَّرتَهُ (٢)، قال زهير (٣):

ولأنت تفري ما خلقتَ وبعـ ... ـضُ القوم يخلُقُ ثم لا يَفْرِي

وقال الحجاج: ما خلقتُ إلاَّ فريتُ، ولا وعدتُ إلاَّ وَفَّيتُ. انتهى كلام الجوهري.

والخلق بهذا المعنى يطلق على العباد مع القرائن الدالة عليه، وذلك من جملة أفعالهم التي مَكَّنهم الله تعالى منها بمشيئته وأقداره وسابق علمه وتقديره، على ما مضى من شرح ذلك وتقريره.

المعنى الثاني: الخلق بمعنى الكذب، قال الله تعالى: {وَتَخْلُقون إفْكاً} [العنكبوت: ١٧].

وقال في حكاية كلام الكفار: {إنْ هذا إلاَّ اخْتِلاقٌ} [ص: ٧] وهو كثير شهير.

والله تعالى مُنَزَّهٌ عن إضافة الخلق بهذا المعنى بإجماع المسلمين، ومن تأوَّل في تجويز هذا على الله تعالى، فهو من المُلحدين.

المعنى الثالث: الخلق بمعنى إنشاء الموجودات من العدم وتصوير العوالم والصور، وتركيبها وتدبيرها على ما اشتملت عليه كتب التشريح، ثم على ما شاهده (٤) كلُّ ذي نَظَرٍ صحيح.


(١) ٤/ ١٤٧٠ - ١٤٧١ (خلق).
(٢) زاد في " الصحاح ": قبل القطع.
(٣) من قصيدة يمدح بها هَرِمَ بن سنان ومطلعها:
لمن الديارُ بقُنَّةِ الحِجْرِ ... أقْوَيْنَ من حِجَجٍ ومن دهرِ
والفَرْي: القطع، يقول: فأنت إذا تهيّأت لأمرٍ مضيت له. انظر " شرح شعر زهير بن أبي سلمى " ص ٨٢، صنعة أبي العباس ثعلب.
(٤) في (ش): يشاهده.

<<  <  ج: ص:  >  >>