للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى كلام الزمخشري اسمه الخالق واسمه الخلاَّق وهما من أسمائه الحسنى، متى أُطلِقا وتجرَّدا عن القرائن سبق الفهم إلى أن المراد بهما بعض الخرَّازين ومن يُستَخْبَثُ ذكره من أخسِّ أهل المهن من صُنَّاع النعال ومُصلِحي ما تخرَّقَ، ولا ينصرف إلى الله تعالى إلاَّ مع القرينة كما هو حق المجاز.

بل أخبث من هذا أنه يلزمه نفي هذين الاسمين الشريفين عن الله تعالى من غير قرينةٍ، كما هو علامة المجاز (١)، فإنه لا يجوز لك أن تصف الرجل الشجاع بأنه أسد وتسميه بذلك إلاَّ مع القرينة، ويجوز لك أن تنفي عنه اسم الأسد بغير قرينة باتفاق علماء المعاني والبيان، وإلا لزم الحاجة إلى القرينة في الحقيقة والمجاز معاً، ولم يقل بذلك قائل.

فعلى كلام الزمخشري يجوز للمسلم أن (٢) يقول: إن الله تعالى ليس بخالقٍ ولا خلاَّقٍ من غير قرينةٍ ولا بيانٍ لمراده.

ويوضح بطلان ما توهَّمه أنه بنى (٣) ذلك على أن حقيقة الخلق (٤) التقدير، وحقيقة التقدير عنده يستلزم الفكر، وذلك يستلزم النقص، فوجب أن لا يُنْسَبَ إلى الله تعالى إلاَّ مجازاً.

والجواب عليه أن كل ما استلزم (٥) النقص لا يُنسَبُ إلى الله تعالى لا حقيقةً ولا مجازاً، والأسماء الحسنى أرفع مرتبةً من ذلك عند أهل الحق، على ما بَسَطْتُهُ في الصفات، ثم في الإرادة، ولله الحمد.

وهذا المُسَمَّى منهم بالعلامة، فكيف بشيوخ الكلام منهم الذين وصفهم الزمخشري بضيق العَطَنِ والمسافرة عن علم البيان مسافة أعوام، ذكره في تفسير


(١) من قوله " بل أخبث " إلى هنا سقط من (ش).
(٢) " أن " لم ترد في (أ).
(٣) في (أ): بنى على، وهو خطأ.
(٤) في (ش): الخالق، وهو تحريف.
(٥) في (ش): يستلزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>