للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث، وتصنيفه فيهما " الكشَّاف " و" الفائق "، كيف اختار هذا المذهب الباطل، وزَعَم في " أساس البلاغة " (١) أن قولنا: خلق الله الخلق من المجاز.

والذي يدلُّ على بطلان كلامه ومن تابعه من المعتزلة أن أهل اللسان العربي والمعاصرين (٢) لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسلمين وغيرهم استعملوا هذه اللفظة مضافةً إلى الله عزَّ وجلَّ ومقصورةً عليه، وشاع ذلك وذاع، وتواتر واستفاض، وصدعت به النصوص، وتداوله العموم والخصوص، وكان السابق إلى الأفهام من غير قرينةٍ.

وأجمع أهل علم التفسير من التابعين وتابعيهم بإحسانٍ على أن نسبة الخلق إلى الله تعالى من المحكم الذي لا يحتاج إلى التأويل، ولا علامة للحقائق في جميع اللغة إلاَّ مجرد الاستعمال الذي لا يبلغُ أدنى أدنى أدنى (٣) مراتب هذا الاستعمال المتواتر المعلوم من الضرورات كلها: ضرورة اللغة وضرورة القرآن، وضرورة السنن والآثار، وضرورة إجماع المسلمين.

ولو كُلِّفَ الزمخشري أن ينقل مثل هذا الاستعمال العظيم في كل لفظةٍ زعم أنها حقيقة لغصَّ بريقه، بل لو كُلِّفَ بهذه اللفظة بعينها، وهي أن الخلق بمعنى التقدير أن ينقُل مثل (٤) ذلك أو قريباً منه لانقطع، وليس المجاز شيئاً (٥) يختصُّ به الزمخشري، فعلامته معروفة: وهو ما لا يسبق الفهم إليه إلاَّ بقرينة، وهذا يَفُتُّ في عَضُدِ دعواه.

وأقلُّ أحوال هذه اللفظة أن يكون إطلاقها على الله حقيقةً عُرفيَّةً أو شرعيَّةً، وهما أقوى من الحقيقة اللغوية كما قال علماء الإسلام في لفظة الصلاة وسائر ألفاظ الشرع.


(١) ص ١٧٣.
(٢) في (ش): المعاصرين، بلا واو.
(٣) في (ش): أدنى، مرة واحدة.
(٤) من قوله " هذا الاستعمال " إلى هنا سقط من (ش).
(٥) في (أ) و (ش): شيء، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>