للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظاهر أنه يتعذَّر نقلُ نصٍّ واحدٍ عن رجل واحدٍ منهم في ذلك بطريقٍ صحيحةٍ بل لا أعلم مثل ذلك نُقِلَ عن أحدٍ منهم بطريق ضعيفةٍ إلاَّ ما رُوِيَ عن علي عليه السلام من طريق أهل البيت عليهم السلام، وهي من أحسنِ الطُّرُق، لكنها مُنقَطِعَةٌ غير مُسنَدَةٍ، ذكرها في " الجامع الكافي " عن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي، عن علي عليه السلام قال: سُئِلَ عليٌّ عليه السلام، فقال -يعني في أفعال العباد-: هي من الله خَلْقٌ، ومن العباد فِعْلٌ، لا يسأل عنها أحدٌ بعدي.

قال أحمد: إنما يعذب الله العباد على فعلهم، لا على خلقه.

وقال أحمد: إنها من الله خَلْقٌ، ومن العباد فعلٌ، لا أن خلق الله تقدم فعل العباد، ولا فعل العباد تقدم خلق الله. روى الجميع عنه محمد بن منصور الكوفي المرادي في كتاب أحمد، وقد تقدم من توعِير معرفة الإجماع ما يُزهِّدُ في كثيرٍ من دعاويه، فمن أشفِّ ما اعتمدوه من دعوى الإجماع أمران:

أحدهما: قول أبي عبد الله البخاري رحمه الله (١)، سمعت عبيد الله بن سعيد يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما زلت أسمع أصحابنا يقولون: أفعال العباد مخلوقةٌ. انتهى.

قلت: البخاري وشيخه عبيد الله بن سعيد، وشيخُه يحيى القَطَّان رحمهم الله، أئمةٌ أثباتٌ من أجِلاَّء ثقات المسلمين لا ريب في صدقهم، لكن القطَّان كان في الطبقة السادسة، فإنه وُلِدَ سنة عشرين ومئةٍ، وتُوفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين ومئة، وذلك قريبٌ من رأس المئتين. وقد قال الذهبي في آخر الطبقة الرابعة من " التذكرة " (٢) وهو ما بعد المئة الأُولى إلى الخمسين ومئةٍ ما لفظه: وفي هذا الزمان ظهر بالبصرة عمرو بن عُبيد العابد، وواصل بن عطاء الغَزَّال، ودعوا إلى


(١) في " خلق أفعال العباد " (١٢٥). وأورده عن البخاري: البيهقي في " الأسماء والصفات " ص ٢٦٠، وفي " الاعتقاد " ص ١٠٩ - ١١٠، والخطيب في " تاريخه " ٢/ ٣١.
(٢) ١/ ١٥٩ - ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>