للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعتزال " والقول بالقدر "، وظهر بخُراسان الجَهْمُ بن صفوان ودعا إلى تعطيل الرب عزَّ وجلَّ وخَلْقِ القرآن، وظهر في قُبَالَتِه مقاتل بن سليمان المفسِّر وبالغ في إثبات الصفات حتى جَسَّمَ، وقام على هؤلاء علماء التابعين وأئمة السلف، وحذَّرُوا من بِدَعِهم. اننهى.

وهو يدُلُّك (١) على أن القطان وشيوخه الذين سمع منهم ما (٢) حكاه عنهم من خلق الأفعال قد كانوا بعد زوال أَلفَة الأمة، وانشقاق (٣) عصا الإجماع، وظهور الاختلاف والابتداع، فإن حملنا كلامه على ظاهر قول أصحابنا، وهو أنهم الذين يوافقونه في العقيدة من أئمة الحديث والأثر فصحيحٌ، وقد ذكرت في الفرقة الأولى أن غالب المحدِّثين على ذلك، فقد ذكر ابن الحاجب في " المنتهى " أن القول بتكليف ما لا يُطاقُ نُسِبَ إلى الأشعري لقوله بخلق أفعال العباد.

وقد نقل النواوي في كتاب الجُمُعة من " شرح مسلم " (٤) والقاضي عياض ما يدل على اختلاف بين مُتَكلِّمي أهل السنة في ذلك دع عنك غير أهل الكلام منهم، فقال في تفسير الختم على القلوب المنسوب إلى الله، دع عنك أفعال العباد (٥): قال القاضي: اختَلَفَ المتكلِّمُون في هذا اختلافاً كثيراً، فقيل: هو إعدامُ اللُّطف وإعدام أسباب الخير، وقيل: هو خلق الكفر في صدورهم، وهو قول أكثر متكلِّمي أهل السنة، وقال غيرهم: هو الشهادة عليهم، وقيل: هو علامةٌ جعلها الله تعالى في قلوبهم لتعرف بها الملائكة من تَمدَحُ ومن تذُمُّ. هذا بعد أن ذكر أن الختم بمعنى الطبع والتغطية، ومثله الرَّيْنُ، وقيل: الرَّين اليسير من الطبع، والطبع اليسير (٦) من الإقفال، والإقفال أشدُّها. انتهى كلامه.


(١) في (أ) و (ش): بذلك، وهو خطأ.
(٢) في (أ) و (ش): من، وهو خطأ، وقد نبه على الصواب في (أ).
(٣) في (أ): واشتقاق، وهو تحريف.
(٤) ٦/ ١٥٣.
(٥) عبارة " دع عنك أفعال العباد " لم ترد في (ش).
(٦) في (أ): أيسر، والمثبت من " شرح مسلم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>